وفي ما يلي بحثٌ عن كلا المسألتين :
١ ـ دوام العقاب : ميّز المرتضى بين عقاب الكفر وعقاب باقي المعاصي ، أي : أنّه ميّز بين عقاب الكفر وعقاب الفسق ، فقد تقدّم أنّه عرّف الفسق بأنّه ارتكاب المعاصي ، فذهب إلى أنّ عقاب الكفر دائميّ ؛ وذلك لإجماع الأمّة ، أمّا عقاب سائر المعاصي ـ عقاب الفسق ـ سواء الكبائر والصغائر فلا دليل عقليّ على دوام عقاب مرتكبها وخلوده في جهنّم ، فلابدّ من الرجوع إلى السمع ، وإذا رجعنا إلى السمع وجدناه يدلّ على أنّ عقاب المعاصي غير الكفر منقطع وجوبا ، وذلك بشرط أن يرافقه الإيمان(١).
ويؤيّد ذلك بعض الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، مثل ما رواه إبراهيم بن العبّاس ، قال : كنّا في مجلس الرضا عليهالسلام ، فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها : إنّها لا تغفر.
فقال الرضا عليهالسلام : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة ، قال الله عزّ وجلّ : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَة لِلنّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ)»(٢).
وروى محمّد بن أبي عمير ، قال : سمعت موسى بن جعفر عليهماالسلام يقول : «لا يخلّد الله في النار إلاّ أهل الكفر والجحود وأهل الضلال والشرك ، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يُسئل عن الصغائر ، قال الله تبارك وتعالى :
__________________
(١) الذخيرة ، ص٣٠٠.
(٢) التوحيد للصدوق ، ص٣٩٥ ، والآية من سورة الرعد ، الآية ٦.