(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلَكُمْ مُدْخَلا كَرِيْماً)»(١).
أمّا المعتزلة فقد تحدّثوا عن دوام عقاب مرتكبي المعاصي كلّها ، وإن لم تكن كفراً(٢) ، سوى أنّهم ركّزوا على مرتكبي الكبائر (وهم الفسّاق حسب تعريفهم) ؛ باعتبار أنّهم ذهبوا إلى أنّ الصغائر يمكن أن يزول أثرها إذا كان في مقابلها طاعات أكثر منها أو تساويها ، كما سيأتي إن شاء الله.
إذن فقد ركّز المعتزلة بحثهم على الكبائر ، وقالوا بخلود مرتكب الكبيرة (الفاسق) في جهنّم ، بينما رفض الشريف المرتضى ذلك ، وذهب إلى وجوب انقطاع عذاب الفاسق ؛ فإنّ الفاسق ـ وفقاً لما تقدّم من بيان لنظرية المرتضى ـ مؤمن في عقيدته ، فاسق في أفعاله ، فهو بإيمانه يستحقّ الثواب الدائم إجماعاً.
فلا يمكن أن يستحقّ في نفس الوقت العقاب الدائم لفسقه ، وإلاّ اجتمع عليه الثواب والعقاب الدائميّان ، وقد تقدّم وجود إجماع على عدم اجتماعهما ، إذن لابدّ أن يكون عقابه منقطعاً. وهذا كلّه مستفاد مما تقدّم من آراء المرتضى.
٢ ـ دوام الثواب : رأى الشريف المرتضى أنّه لا دلالة في العقل على
__________________
(١) التوحيد للصدوق ، ص٣٩٦ ، والآية من سورة النساء ، الآية ٣١.
(٢) الذخيرة ، ص٣٠٠.