متساويين كمَن لم يُحسِن ولم يُسِئ ، وإذا كان المستحَقّ على إساءته هو الزائد ، لكان كمن لم يحسن ، كما لو كان المستحَقّ على إحسانه هو الزائد ، لكان كمن لم يسئ ، ومن الواضح أنّ كلّ هذا مخالف للضرورة والبداهة(١).
وقد ناقش الشريف المرتضى الأدلّة التي أقامها المعتزلة لإثبات التحابط ، كما قام بتأويل الآيات القرآنية التي دلّت بظاهرها على التحابط(٢).
٢ ـ مُسقطات العقاب :
ذهب الشريف المرتضى إلى أنّ العقاب لا يزيله شيء إلاّ عفو مالكه عنه ، فالذي يملك العفو هو الوحيد الذي يستطيع أن يزيل العقاب ، ولا توجد طريقة أخرى لإزالة العقاب ، لأنّه لا يوجد وجه آخر يقتضي زوال العقاب ، وقد نسب المرتضى ذلك إلى الإمامية(٣).
ولكن من جهة أخرى سوف يأتي أنّ الشريف المرتضى كان يرى إمكان زوال العقاب بأمور أخرى ، مثل التوبة والشفاعة ، فكيف يمكن الجمع بين عدم زوال العقاب بشيء إلاّ عفو صاحبه عنه ، وبين إمكان زواله بأمور أخرى غير ذلك؟
للإجابة على ذلك يمكن أن يقال : إنّ عفو مَن بيده العفو يمكن أن
__________________
(١) الذخيرة ، ص٣٠٣.
(٢) المصدر السابق ، ص٣٠٣ ـ ٣١٦.
(٣) المصدر السابق ، ص٣٠٢.