إضافةً إلى أنّ العقاب المُستحَقّ أمر معدوم ، والتوبة موجودة ، والموجود لا يبطل المعدوم(١). وهذه نفس الطريقة التي أبطل بها التحابط كما تقدّم.
واستدلّ المعتزلة على أنّ التوبة تزيل العقاب وجوباً بأدلّة ناقشها المرتضى كلّها ورفضها ، منها : إنّ التوبة إذا لم ترفع العقاب وجوباً ، لأدّى ذلك إلى قبح تكليف الفاسق بعد فسقه ؛ لأنّ التكليف إنّما يحسن تعريضاً للثواب ، والفاسق إذا استحق العقاب فإنّه لا يجوز أن يستحقّ الثواب ، فينبغي على ذلك أن تكون له طريقة للتخلّص من العقاب لكي ينتفع بما عُرِّض له من الثواب على الطاعة ، ولا طريق سوى التوبة ، فلابدّ أن تُسقِط العقابَ وجوباً(٢).
من الواضح أنّ هذا الدليل ناشي من تشبُّع روح المعتزلة بفكرة التحابط والتنافي بين الثواب والعقاب ، بحيث إذا استحقّ الإنسان العقاب بسبب فسقه ، فإنّ هذا العقاب سوف لن يفسح المجال لأيّ ثواب ، وذلك بسبب التعارض والتنافي بينهما ، فلابدّ أوّلا من زوال العقاب من خلال التوبة ، حتّى يُفسَح المجال أمام استحقاق الثواب.
ولهذا رفض الشريف المرتضى هذا الاستدلال من خلال مناقشة الصغرى ، فإنّه مَن قال إنّ الفاسق المُستحِقّ للعقاب لا يمكنه أن يحصل على
__________________
(١) الذخيرة ، ص٣١٦ ـ ٣١٧.
(٢) المغني (التوبة) ، ج١٤ ، ص٣٤٠ ؛ الذخيرة ، ص٣١٧.