شيء من الثواب؟ إنّ هذا أوّل الكلام ، وهو محلّ النزاع ؛ فإنّ المرتضى يرى أنّه لا يستحيل اجتماع استحقاق الثواب والعقاب معاً وفي آن واحد ، كما تقدّم عند البحث عن إبطال التحابط(١).
حقيقة الشفاعة :
اختلف الشريف المرتضى مع المعتزلة أيضاً حول حقيقة الشفاعة ، فالشفاعة عنده تعني إسقاط العقاب عن مُستحِقّه ، ولكن هذا الإسقاط ـ كما تقدّم في التوبة ـ ليس واجباً على الله تعالى ، بل هو تفضّل منه(٢). وبذلك يتّضح ما تقدّم من أنّ المُسقِط الوحيد للعقاب هو عفو مَن بيده العفو ، أمّا التوبة والشفاعة فليستا إلاّ شروطاً أو مقدّمات للعفو والتفضّل بإسقاط العقاب.
أمّا المعتزلة فلم يعرّفوا الشفاعة بذلك أي إسقاط العقاب ، وذلك لأنّهم قسّموا المعاصي إلى كبائر وصغائر ، أمّا الكبائر فعقابها لا يسقط برأيهم أبداً ، بل صاحبها مخلّد في النّار ، وأمّا المعاصي الصغيرة فيمكن أن يرتفع عقابها من خلال إحباطه وإزالته ، وبذلك لم تبقَ لهم حاجة بحسب الظاهر إلى تفسير الشفاعة بسقوط العقاب.
أمّا الشفاعة الواردة في الآيات والروايات ففسّروها بزيادة المنافع
__________________
(١) الذخيرة ، ص٣١٧.
(٢) المصدر السابق ، ص٥٠٥ ؛رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبريّة) ، ج١ ، ص١٥٠.