وفي الموضعَين يصرف ظاهر الآية على وفق مذهبه في الاختيار (أو الأدقّ قوله بالأمر بين الأمرين).
ـ ومنه قوله : «فإذا ورد عن الله تعالى كلامٌ ظاهره يخالف ما دلّت عليه أدلّة العقول ، وجب صرفه عن ظاهره ـ إن كان له ظاهر ـ وحمله على ما يوافق الأدلّة العقليّة ويطابقها ، ولهذا رجعنا في ظواهر كثيرة من كتاب الله تعالى اقتضى ظاهرها الإجبار أو التشبيه ، أو ما لا يجوز عليه تعالى»(١).
ـ بل أنّه صرّح بذلك في تأويله لقوله تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها ...)(٢) فقال : «إذا ثبت بأدلّة العقول التي لا يدخلها الاحتمال والمجاز ووجوه التأويلات أنّ المعاصي لا تجوز على الأنبياء عليهمالسلام صرفنا كلّ ما ورد ظاهره بخلاف ذلك من كتاب أو سنّة إلى ما يطابق الأدلّة ويوافقها كما نفعل مثل ذلك فيما يرد ظاهره مخالفاً لما تدلّ عليه العقول من صفاته تعالى ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ...»(٣).
ثمّ زاد على ذلك قائلاً : «ولهذه الآية وجوه من التأويل ، كلّ واحد منها يقتضي نزاهة نبيّ الله تعالى من العزم على الفاحشة وإرادة المعصية»(٤).
ـ ونظير ما تقدّم ما ورد في تأويله لقوله تعالى : (وَنَادَى نُوْحٌ رَّبَّهُ قَالَ
__________________
(١) نفس المصدر : ٢/٣٠.
(٢) يوسف : ٢٤.
(٣) الأمالي ١/٤٧٧.
(٤) نفس المصدر : وانظر أيضاً :١/٤٨١ ـ ٤٨٢.