أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧) وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي
____________________________________
طلب الجنّة (أَيُّهُمْ) هو (أَقْرَبُ) إلى رحمة الله سبحانه يبتغي الوسيلة إليه بصالح الأعمال.
(٥٨) (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ ...) الآية. أي : وما من أهل قرية إلّا ستهلك ؛ إمّا بموت ؛ وإمّا بعذاب يستأصلهم ، أمّا الصّالحة فبالموت ، وأمّا الطّالحة فبالعذاب. (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) مكتوبا في اللّوح المحفوظ.
(٥٩) (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) لمّا سأل المشركون النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يوسّع لهم مكّة ، ويجعل الصّفا ذهبا أتاه جبريل عليهالسلام فقال : إن شئت كان ما سألوا ، ولكنّهم إن لم يؤمنوا لم ينظروا ، وإن شئت استأنيت بهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) ، ومعناها : أنّا لم نرسل بالآيات لئلا يكذّب بها هؤلاء ، كما كذّب الذين من قبلهم فيستحقّوا المعاجلة بالعقوبة. (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) آية مضيئة بيّنة (فَظَلَمُوا بِها) جحدوا أنّها من الله سبحانه (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ) أي : العبر والدّلالات (إِلَّا تَخْوِيفاً) للعباد لعلّهم يخافون القادر على ما يشاء.
(٦٠) (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) أي : فهم في قبضته وقدرته ، يمنعك منهم حتى تبلّغ الرّسالة ، ويحول بينك وبينهم أن يقتلوك. (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) يعني : ما أري ليلة أسري به ، وكانت رؤيا يقظة. (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي
__________________
(١) وهذا قول ابن عباس ، أخرجه النسائي في تفسيره ١ / ٦٥٥ بسند صحيح ؛ وأحمد ١ / ٢٥٨ ؛ وابن جرير ١٥ / ١٠٨ ؛ والواحدي في الأسباب ص ٣٣٣ ؛ والحاكم ٢ / ٣٦٠.