وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢) وَإِنْ كادُوا
____________________________________
(٧٠) (وَلَقَدْ كَرَّمْنا) فضّلنا (بَنِي آدَمَ) بالعقل والنّطق والتّمييز (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ) على الإبل والخيل والبغال والحمير (وَ) في (الْبَحْرِ) على السّفن (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) الثّمار والحبوب والمواشي والسّمن والزّبد والحلاوى (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا) يعني : البهائم والدّوابّ والوحوش.
(٧١) (يَوْمَ نَدْعُوا) يعني : يوم القيامة (كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) بنبيّهم ، وهو أن يقال : هاتوا متّبعي إبراهيم عليهالسلام ، هاتوا متّبعي موسى عليهالسلام ، هاتوا متّبعي محمد عليهالسلام ، فيقوم أهل الحقّ فيأخذون كتبهم بأيمانهم ، ثمّ يقال : هاتوا متّبعي الشّيطان ، هاتوا متّبعي رؤساء الضّلالة ، وهذا معنى قول ابن عباس : إمام هدى وإمام ضلالة (وَلا يُظْلَمُونَ) ولا ينقصون (فَتِيلاً) من الثّواب ، وهي القشرة التي في شقّ النّواة.
(٧٢) (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) في الدّنيا أعمى القلب عمّا يرى من قدرتي في خلق السّماء والأرض والشّمس والقمر وغيرهما (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) في أمر الآخرة ممّا يغيب عنه (أَعْمى) أشدّ عمّي (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) وأبعد حجّة.
(٧٣) (وَإِنْ كادُوا ...) الآية. نزلت في وفد ثقيف (١) أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : متّعنا باللّات سنة ، وحرّم وادينا كما حرّمت مكّة ؛ فإنّا نحبّ أن تعرف العرب فضلنا عليهم ، فإن خشيت أن تقول العرب : أعطيتهم ما لم تعطنا فقل : الله أمرني بذلك ،
__________________
(١) وهذا قول ابن عباس. أخرجه ابن الجارود في المنتقى ص ١٠١ ورجاله ثقات ؛ وابن جرير ١٥ / ١٣٠ ؛ والمؤلف في الأسباب ص ٣٣٥.