وبما ان هذه السنة لم تدوّن لدى الصحابة على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة ، ولم يكمل بها التشريع من جهة اخرى ، لان كثيرا من الحوادث المستجدة لم تكن على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم احتاج ان يدّخر علمها عند اوصيائه عليهمالسلام ليؤدوها عنه فى اوقاتها.
فالكتاب ـ اذن ـ والسنة ، واقوال اهل البيت ، هي المصادر التشريعية الاولى ، وبما ان عهد الائمة عليهمالسلام كان من العهود التي اختلطت فيها اللغات وتفاعلت ، وتبدل الكثير من مفاهيمها ، احتاجوا لحفظ الاحكام ان يضعوا القواعد فى مباحث الالفاظ ، ليلجأ اليها الناس فى التماس الاحكام الشرعية واستنباطها ، والظاهر ان الامام الباقر عليهالسلام هو اول من املى على تلامذته قواعدها ، واصولها ، ويأتى بعده الامام الصادق عليهالسلام (١) وفى مؤلفات تلميذه هشام بن الحكم كتاب بهذا الاسم (٢) وهو فيما نعلم اول من الف بهذا العلم ، وتلاه غير واحد من رواة الائمة عليهمالسلام بالاضافة الى ان الاصول الاربعمائة التى جمعها تلامذتهم حفلت بالكثير من قواعدها العامة.
وحيث ان الرقعة الاسلامية بدأت تتسع ، وبدأ الناس يبعدون عن مصادر التشريع ، وربما عسر على الكثير منهم المثول بين يدى الامام عليهالسلام لاستفتائه فيما يجد من احكام لبعدهم عنه ، أو لوقوف الظالمين من خصومهم دون بلوغهم اليه ، فتح الائمة عليهمالسلام لهم ابواب الاجتهاد ، فاحتاجوا الى تاصيل اصول يبلغ من بعضها الى الحكم الواقعى ، ومن بعضها الى الحكم الظاهرى ، مع تعذر البلوغ اليها كالاستصحاب ، والاحتياط ، ونظائرهما مما كانت ماثورة جميعا عن اهل البيت عليهمالسلام وارشدوا الى من
__________________
(١) تأسيس الشيعة ، للمرحوم الحجة السيد حسن الصدر ص ٣١٠
(٢) رجال النجاشى ص ٣٠٥ طبعة بمباى ـ وابن النديم فى فهرسته ص ٢٤٩