لقمةً إلى فيه فيقول قبل أن يدخلها فاه : (بسم الله الحمد لله ربِّ العالمين) إلاّ لم تجاوز تراقيه حتّى يغفر الله ذنوبَه وإن كانت ذنوبُهُ قد ملأت ما بين السماء والأرض ، وإذا شرب فمثل ذلك إذا قال ذلك»(١).
أقول : هذه نماذج من مرويّات كثيرة تدلّ بوضوح على أنّ مثل هذه المرويّات لم تُروَ عن طرق أصحابنا الإماميّة بالإسناد عن المعصوم ، وانفرد ابن أبي جمهور بنقلها مع عدم ذكر مصادرها ، وقد أثارت هذه الروايات التي انفرد بها جدلاً كبيراً في كتب الفقهاء والأصوليّين والمحدّثين ، وممّا أدّى إلى ذِكر هذا الشيخ الجليل في كثير من المصنّفات بين مادح لمرويّاته وقادح لها ، وهذا هو السبب الرئيسي لاشتهاره وانتشار ذكره عند إيراد مثل هذه الأخبار.
موقف العلماء من ابن أبي جمهور :
لم يكن البحث عن ابن أبي جمهور وآرائه الحديثيّة أمراً جديداً ، بل الظاهر من بعض القرائن أنّ البحث في منقولاته وآرائه كان أمراً شائعاً حتى في زمانه ؛ حيث إنّنا نرى في فهارس المخطوطات كثرة نسخ كتاب العوالي لا سيّما في القرن العاشر ـ يعني في عصر المؤلّف(٢) ـ وما بعده ، وكذا الحال في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) درر اللآلي : ١ / ١٧١ / ٤٢٩ ، وعنه في مستدرك الوسائل : ١٦ / ٢٧٤ / ١٩٨٦٠.
(٢) انظر موسوعة فنخا : ٢٣ / ٦٦ ـ ٦٨ ، لقد ذكر الجامع لها ثمان وعشرين نسخة من كتاب العوالي ، وهذا العدد إلى زمن طباعة هذه الموسوعة ، وهناك الكثير من