الكلام والفلسفة والتصوّف وصناعة خليط بينها(١) ، وقد صرّح بذلك لأوّل مرّة ـ فيما رأيتُ ـ السيّد إعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (ت ١٢٨٦هـ) ، فقد قال عند إيراده لكتاب المجلي : «طبّق فيه بين الكلام والحكمة على مذاق الصوفيّة»(٢).
علماً أنّ الاختلاف والجدل الموجود بين أتباع مدرستي أرسطو وأفلاطون في القرون الوسطى في غرب العالم سرى إلى الفلاسفة الإسلاميّين أيضاً ، حيث إنّ المشّائيّين لا يقيمون للإشراقيّين وزناً ، والإشراقيّين لا يميلون إلى فلسفة المشائيّين ، وقد ظهر في عهد المسلمين أيضاً مدارس أخرى كمدرسة المتكلّمين ومدرسة ابن عربي وتوسّع الخلاف بين هذه المدارس من جهات شتّى.
وقد سعى جمعٌ إلى تخفيف الخلافات ، وجمع تلك المدارس في مجموع خليط بينها ؛ أمثال : الفخر الرازي والخواجة الطوسي والسيّد حيدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) وقد صرّح بما فعل في أوّل كتاب المجلي : ١ / ١٣٤ وقال ما نصّه : قد جمعتُ في أكثر مسائلها ومباحثها بين فنّي الكلام والحكمة وطبّقت بينهما أحسن تطبيق وحقّقت مقاصد الفريقين غاية التحقيق. ثمّ في كثير من المواضع وجملة من المطالب أُشير بالإشارات القريبة إلى الأذهان والدلائل الظاهرة لطالب الحقّ والإيقان إلى التطبيق بين مذهب المعتزلي وطريق الأشاعرة وأخرجتهما بحسن التقريب عن المشاققة والمنافرة بل وقد أومأت فيها بالإيماءات الرصينة وأملأت خزائنها من اللآلي الثمينة المتعلّقة بمباحث التوحيد وأسرار حقائق التفريد على طريق الإشراقيّين من الحكماء وأهل الله من صوفيّة العلماء.
(٢) كتاب كشف الحجب والأستار : ٤٨٨ / ٢٧٤١.