عرفانيّة ، أو لم يعكس صوراً من ذلك في أعماله ، وحتّى من العلماء مَنْ كان أدنى شهرةً وأقَلّ صيتاً ممّن كان يقطن في تلك البقاع الجغرافيّة كان قد تأثّر بتلك الظاهرة ، فمن الصعب أن نستثنهم من هذه الظاهرة ، فعددٌ منهم قد انجرف ضمن هذا التيّار بسبب البعد عن المراكز العلميّة والحوزويّة الأصليّة.
وعلى صعيد آخر ، بعد سقوط الخارزمشاهيّين ، وضعف تيّار أهل السنّة ، استطاع الشيعة زيادة نشاطهم وبرزت الأفكار الشيعيّة إلى الحدّ الذي أثّرت فيه على أُمراء المغول ، ودفعت البعض منهم إلى اعتناقها ، مثلما هو الحال بالنسبة إلى السلطان ألجايتو محمّد خدا بنده (الذي حكم منذ سنة ٧٠٣ إلى سنة ٧١٦هـ) وهو ما ساعد على نشر المبادي الشيعيّة.
في هذا العصر نلاحظ ـ لأوّل مرّة ـ ظهور التقارب بين التشيّع والتصوّف(١) ، فإلى ما قبل ذلك العصر كان التصوّف قائماً على مذاهب أهل السنّة.
في تلك الحقبة انجذبت بعض الطرق الصوفيّة المهمّة مثل السلسلة الصفويّة ، والنوربخشيّة ، والنعمة اللهيّة إلى التشيّع ، بحيث غدت رمزاً لتبليغ ونشر الأفكار الشيعيّة(٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كما قال عزيز الدين النسفي (المتوفّى بين سنة ٦٨٠ إلى سنة ٦٩٩هـ) : إنّ البحث حول هذا الموضوع (الميل إلى التشيّع) كان رائجاً في عصره في مجالس الصوفية في خراسان وبلاد ما وراء النهر (الإنسان الكامل : ١ / ٣١٦).
(٢) تجدر الإشارة إلى أن تشيّع بعض الصوفيّة في تلك الحقبة لم يكن تشيّعاً بالمعنى