بِظُلْم أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)(١) ، فإنّ في هذه الآية دلالة على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، لأنّ العمل الصالح إن قلنا بأنّه من أركان الإيمان ولا يكفي الإقرار باللسان ولا الاعتقاد بالجنان بدون العمل بالأركان ، فلا إشكال أنّ ترك العدل وارتكاب الظلم الذي هو خلاف العدل موجب لسلب الإيمان بالكلّية ، فلا أمن فيه ولا عمل بدونه.
وإن قلنا : بأنّ الإيمان مجرّد الاعتقاد والتصديق باللسان والعمل من مكمّلاته ، فلا إشكال أنّ فعل الضدّ من عبادة مع ترك الضدّ الآخر المضيّق موجب لارتكاب الإثم وتحمّل المعصية بضميمة العبادة الموجب فعلها لتركه ، وذلك موجب لارتكاب المعصية بفعل الطاعة ، ولا يطاع الله من حيث يُعصى ، فالعبادة الواقعة اللازمة للمعصية غير مرادة للشارع بل منهيٌّ(٢) عنها.
الثانية والثلاثون : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً)(٣) فإنّ في هذه الآية إشعاراً بل دلالة على ملازمة القضاء للأداء وبالعكس ، بناءً على أنّ المراد أنّ كلاًّ من الوقتين يخلف الآخر فيما يفوت الإنسان فيه من الأعمال ، فما يفوت في الليل يتدارك بالنهار وبالعكس ، وفيه إشعار إذا قلنا بأنّ الأمر للفور وفات في الزمان الأوّل فإنّه يجب الإتيان به في الزمان الثاني ، ويدلّ على ثبوت التوسعة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الأنعام : ٨٢.
(٢) أثبتناه من(ح) ، وفي (ص) ينهى.
(٣) سورة الفرقان : ٦٢.