من الآية الأولى والخلق من الآية الثانية والثالثة.
الرابعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ)(١) فإنّ هذه الآية ممّا تدلّ على أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء ، فإنّه لا يكون خيراً إلاّ أن يكون مجزيّاً إذ لا خير في غير المجزي من الأعمال ، وهو بمعنى حصول الامتثال وترتّب الثواب عليه بدليل عدم الكفران ، وفي دلالته على معنى سقوط القضاء أو عدم وجوب التعبّد به ثانياً إشكال ، وفيها أيضاً دلالة على عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، أو (٢) أنّ النهي عن الضدّ لا يقتضي الفساد لدلالتها على عدم إحباط الطاعة بالمعصية ، والجمع بينهما يقضي العمل على الأخير ، وفيها أيضاً دلالة على ملازمة الإجزاء للقبول.
الخامسة والثلاثون : قوله تعالى : (فمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ)(٣) ومثله قوله تعالى : (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْر فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْر يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)(٤) فإنّها أيضاً تدلّ على اقتضاء الأمر للإجزاء وعدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ ، أو عدم اقتضاء النهي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة آل عمران : ١١٥.
(٢) في (ح) : (و).
(٣) سورة الأنبياء : ٩٤.
(٤) سورة البقرة : ٢٧٢.