ظهوره فلا مانع من وجوده ولا تصرّفه لقدرته وتمكّنه ، نظير قوله تعالى فيما حكى عن موسى عليهالسلام (َفدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَة مِنْ أَهْلِهَا ..)(١) الآية ، حيث قضى الأمر موسى ونصر وليّه وقتل عدوّه من حيث لا يشعرون ، ومع عدم ظهور الإنكار يدلّ على رضاه وتقرير المعصوم حجّة.
الآية الخامسة : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)(٢) فإنّها دالّة على وجوب الردّ مع الاختلاف إلى الله عزّ وجلّ ، وهو الرجوع إلى الكتاب ، وإلى الرسول وهو الرجوع إلى السنّة ، فلا يجوز العمل بالقياس أو الاجتهاد بالدين(٣) والأخذ بالاستحسان ، وأمّا المفهوم فإنّه وإن دلّ بظاهره على أنّه مع عدم النزاع لا يحتاج إلى الردّ إلاّ أنّه لا دلالة فيه على حجّية الإجماع لعموم المفهوم لأنّه أعمّ من ثبوت الإجماع وعدمه ، فإنّ رفع النزاع لا يستلزم ثبوت الإجماع ، كما أنّ نفي الخلاف لا يثبت الوفاق ، فإنّه قد يكون لعدم النصّ أو عدم الافتقار إلى الواقعة أو ارتفاع الموضوع ، فلا يدلّ على حجّية الإجماع في نفسه في مقابلة قول الله وقول الرسول ، وإلاّ لم يكن إجماعاً لتحقّق النزاع مع المخالفة ما لم يكن موافقاً لرأي المعصوم ، فيكون حجّة لموافقته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة القصص : ٢٨/١٥.
(٢) سورة النساء : ٤/٥٩.
(٣) في (ح) : (بالرأي).