ولو سلّمنا فلا يدلّ على عدم وجوب الردّ لأنّه من باب مفهوم اللقب فيبقى عموم ما دلّ على وجوب طاعة الله ورسوله كقوله : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(١) على حاله مع أنّه دالّ بالمفهوم.
هذا ويمكن الاحتجاج بها على حجّية الإجماع لدلالتها على وجوب الردّ مع النزاع حيث لا يعلم قول الله ورسوله ، ومع العلم فإن كان ذلك لموافقة قول الله وقول(٢) رسوله فقد حصل الردّ وبطل النزاع ، وإن كان الاجتماع مع المخالفة فلا تعويل عليه لبقاء النزاع مع الإجتماع لأنّ النزاع مطلق الإعتراض ، والاعتراض باق مع المخالفة فاحتيج إلى الجواب والعذر عن المخالفة ، ومعه فيطول النزاع ، كيف وقد قال تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٣).
الآية السادسة : قوله تعالى : (إِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)(٤) فإنّها تدلّ على حجّية الإجماع المركّب في الجملة ، والأخذ بأحد القولين فإن أمكن الصلح وهو إمكان الجمع بينهما بتأويل أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة التغابن : ١٢.
(٢) (قول) ليس في (ص) ، وما اثبتناه من (ح).
(٣) سورة النساء : ٦٥.
(٤) سورة الحجرات : ٩.