فجعل اصل البراءة قسما على حدة مشكل قال فى الحاشية لعدم مغايرته مع قسميه فانّه فرد من افراد الكلّى منهما ثم قال نعم هو نوع خاصّ من هذا الاصل وذلك لانّ هذا الاصل يجرى فى جميع الاحكام الشّرعيّة واصل البراءة مختصّ بقسمين منها انتهى باختصار وفيه اوّلا انّ احتمال كون اصل البراءة بمعنى استصحاب البراءة كما صرّح به اوّلا وفى الحاشية غير صحيح لانّ حجّية اصل البراءة عندنا على ما هو التّحقيق انّما هو من باب قبح العقاب بلا بيان وهذا الحكم العقلى ثابت فى صورة الشّك فلا يحتاج الى الاستصحاب مع انّ الاستصحاب هو ترتيب الآثار الشرعيّة الثابتة للمتيقّن للمشكوك فى مرحلة الظّاهر والاثر كما ذكرنا للشكّ لا للمتيقّن السّابق فلا يثبت للمشكوك فلا يجرى الاستصحاب وثانيا انّ القاعدة الّتى استند اليها فى اثبات كون عدم الدّليل دليلا على العدم غير تامّة الّا ان ترجع الى قاعدة قبح العقاب بلا بيان او تنضم اليها فلا تكون اصلا برأسه وثالثا ان جعل مستند القاعدة المزبورة لزوم التّكليف بما لا يطاق يعطى اختصاصها بمحتمل الوجوب او الحرمة مثل اصل البراءة بملاحظة ما ذكره سابقا من انّ التّكليف منحصر فى الوجوب والحرمة فمن اين حكم بثبوت القاعدة فى جميع الاحكام الشّرعيّة الّا ان يتكلّف ويؤجّه بجعل التّكليف هنا اعمّ ممّا ذكره سابقا او ان ذكره لبيان المستند فى بعض افراد القاعدة ويعلم المستند فى الباقى بالمقايسة ثمّ قال قدسسره ويمكن الفرق بنحو آخر وهو ان يقال انّ ذلك الاصل اى عدم الدّليل ناظر الى اثبات الاحكام الشرعيّة ونفيها الموضوعات العامّة وهى اى اصالة البراءة ناظرة الى تعلّقها بخصوص ذمّة آحاد المكلّفين انتهى ومراده بقرينة قوله والحاصل آه وما سيذكره فى ردّ كلام المحقّق وتوجيهه انّ اصل البراءة لا نظر له الى الواقع بنفى ولا اثبات بل هو متكفّل لبيان الحكم الشّرعى الظّاهرى فى مقام العمل بخلاف قاعدة عدم الدّليل فانّه ناظر الى نفى الحكم الواقعى ظنّا فتكون هى من الامارات دون الاصول المبحوث عنها فى المقام فح يكون الفرق بينهما بالتّباين دون العموم والخصوص مطلقا فيكون هذا الكلام عدولا عمّا ذكره سابقا من انّه نوع خاصّ من هذا الاصل وفيه انّ افادة القاعدة المزبورة للظّن ثم حجّيته ممنوعتان فكانّ المحقّق القمّى قدسسره اثبت الاصل المذكور بمعنى القاعدة بناء على اصله من حجّية الظنّ مطلقا لكن لا اصل لاصله عند المحقّقين القائلين بانّ الاصل حرمة العمل بالظّن الّا ما خرج بالدّليل وامّا الاباحة والحظر فان قلنا بالاباحة الواقعيّة كما ذهب اليه المحقق القمّى فى القوانين بل نزل النّزاع والخلاف عليها وعلى الخطر الواقعى فهى خارجة عن الاصول العمليّة الّتى هى احكام