بين المحذورين وان ورد الاشكال فى بعض صوره على مذهبهم ايضا كما اذا كان الحالة السّابقة الوجوب او الحرمة ودار الامر بينها فى الزّمان اللّاحق فانّ الحقّ ورود الاستصحاب على اصل التّخيير كما سيأتى فى مباحث الاستصحاب مع انّه ممّا لا يمكن الاحتياط فيه الّا ان يقال انّ التّقسيم ناظر الى ذكر بعض المميّزات فلا ينافى الاحتياج الى مميّز آخر به يكمل التّعريف وهنا لا بدّ من قيد آخر وهو كون الشّخص متحيّرا ومع جريان الاستصحاب لا تحيّر وبمثل هذا يندفع الاشكال عن اغلب النقوض المذكورة والآتية هذا وامّا على مذهب القائلين بترجيح جانب الحرمة فى صورة دوران الامر بين المحذورين لبعض الوجوه المزيّفة فلا اصل تخيير عنده فان قيل لا يمكن انكار اصل التّخيير رأسا على مذهبه ايضا لانّ التّخيير فى صورة تعارض الخبرين الجامعين لشرائط الحجّية مع تكافؤهما ثابت عند المشهور بل قد ادّعى عليه الاجماع قلنا ليس ذلك من التّخيير المبحوث عنه بيان ذلك انّ التّخيير على اقسام احدها التّخيير الواقعى الشّرعى فى المسألة الفرعيّة كالتّخيير فى خصال الكفّارة والتّخيير فى المواطن الاربعة وغير ذلك وخروجه عن المبحوث عنه ظاهر والثّانى التّخيير الشّرعى الظّاهرى فى المسألة الفرعيّة وقد سلك هذا المسلك جماعة من الفقهاء فى جملة من الموارد الفقهيّة ممّا هى فى صورة تعارض الخبرين او الدّليلين كما فى مسئلة السّفر الى اربعة فراسخ مع عدم الرّجوع ليومه وفى مسئلة خفاء الاذان او الجدران وفى مسئلة الاضطجاع على الايمن او على الايسر عند عدم القدرة على القيام والجلوس وفى مسئلة استحباب التحنّك فى حصوله بكلّ واحد من الارسال والادارة تحت الحنك من جهة اختلاف الاخبار فى ذلك وغير ذلك وهذا التّخيير على تقدير ثبوته يكون اصلا ظاهريّا شرعيّا فى مورد الشّك الّا انّه لا دليل عليه على هذا الوجه لانّ الفتوى بالتّخيير المذبور امّا من جهة الجمع الدّلالى او من جهة الخارج من الشّهرة والاجماع فيكون من قبيل القسم الاوّل اعنى التّخيير الواقعى فى المسألة الفرعيّة فتدبّر وامّا من جهة تخيّل استلزام الرّجوع الى التّخيير فى المسألة الاصوليّة الرّجوع الى التّخيير فى المسألة الفقهيّة او انّه عبارة اخرى عنه لكن هذا التخيّل لا منشأ له بل هو خيال فاسد لانّ الفرق بين التّخيير فى المسألة الاصوليّة والتّخيير فى المسألة الفرعيّة وعدم استلزام ايّاه اظهر من ان يخفى على احد وسيجيء توضيحه فى محلّه الثّالث التّخيير الشّرعى الظّاهرى فى المسألة الاصوليّة وهذا التّخيير خارج عن المبحوث عنه الّذى هو من الاصول العمليّة الّتى هى المرجع للشاك فى الحكم الفرعى الالهى الكلّى ولا ينافى هذا ما تقدم من كون الحكم الشّرعى اعمّ من الاصولىّ والفرعىّ اذ هو لا ينافى القول بكون المقصود بالاصالة فى الكتاب بيان الاصول الجارية فى الشّبهات