العدم بالاعتبار الّذى ذكرنا يكون معتبرا هذا تحقيق ما ادّى اليه نظرى سابقا والّذى ادّى اليه نظرى لاحقا فساد هذا الوجه فانّ الظّاهر من اخبار الوضع والرّفع وما فى معناهما انّما هو وضع المؤاخذة والعقوبة ورفعهما فيدلّ على رفع الوجوب والتّحريم الفعليّين فى حقّ الجاهل خاصّة دون غيرهما وحملهما على رفع نفس الحكم وتعميمه الى حكم الوضع مع بعده عن مساق الرّواية مناف لما تقرّر عند الاصحاب من انّ احكام الوضع لا تدور مدار العلم بل ولا العقل والبلوغ الى ان قال ثمّ تؤكّد الكلام فى منع دلالة هذه الاخبار على اصالة عدم الجزئية والشّرطيّة وما فى معناهما بالنّسبة الى ما شكّ فى اتّصافه بذلك بانّ مرجع عدم وضع الجزئيّة والشرطيّة الى عدم وضع المركّب والمشروط ولا ريب فى عدم جريان اصل العدم بالنّسبة الى المركّب والمشروط لأنّ اصالة عدم وضع الاكثر فى مرتبة اصالة عدم وضع الاقلّ وعدم وضع المقيّد فى مرتبة اصالة عدم وضع المطلق فيعارضهما العلم الاجمالىّ بوضع احدهما فيسقطان عن درجة الاعتبار الى ان قال سلّمنا لكن لا ريب فى انّ الجزئيّة والشرطيّة كما ينتزعان من اعتبار الجزء فى الكلّ والشّرط فى المشروط كذلك ينتزع عدمهما من عدم اعتبارهما فيكون عدمهما ايضا حكما وضعيّا كثبوتهما ونسبة عدم العلم الى كلّ منهما بالخصوص سواء فلا وجه لترجيح اعمال الاصل بالنّسبة الى عدمهما بالخصوص مع العلم بانتقاض الاصل بالنّسبة الى احدهما لا على التّعيين بقى الاحتجاج برواية من عمل بما علم كفى ما لم يعلم فالوجه فى الجواب القدح فى دلالته بانّ الظّاهر ممّا علم ما علمه من المطلوبات النّفسيّة دون الغيريّة سلّمنا لكن معنى ما علم ما علم مطلوبيّته لا ما علم جزئيّة او شرطيّة ولا ريب فى العلم بمطلوبيّة الجزء والشّرط المشكوك فيهما من باب المقدّمة انتهى ما اردنا نقله فلنشر الى بعض ما يتعلّق بكلماته قدسسره فنقول قوله لجريانه فى نفى الاحكام التّكليفيّة الّتى يجرى فيها اصل البراءة الظّاهر بقرينة ما ذكره فى مبحث البراءة كون الاحكام التكليفيّة هى الاحكام الاربعة الوجوب والاستحباب والتّحريم والكراهة وفيه انّ اصل البراءة لا يجرى فى جميعها لا لأنّ التّكليف منحصر فى الوجوب والحرمة كما ذكره المحقّق القمّى قدسسره لاندفاعه بما ذكره فى ردّه من انّ التّكليف بحسب الاصطلاح اعمّ منهما بل لأنّ ما هو مناط اصل البراءة لا يجرى فى غير الوجوب والحرمة فانّ اصل البراءة إن كان من باب العقل الحاكم بقبح العقاب بلا بيان فظاهر عدم جريانه فى جميعها وان كان اخبار الوضع والرّفع وغيرهما ممّا سبق مساقهما فالظّاهر ان مفادها رفع المؤاخذة