فلسطين وسواها من القضايا التي تهمّ الشعوب العربية ، فقد عرف عن الشيخ كثرة أسفاره في تلك البلدان ، وقد كان يحمل همّ هذه الشعوب المضطهدة ، وقد عبّر عن هذا الهمّ في بعض قصائده ، وهو ما لاحظه الدكتور يوسف عز الدين في قوله معلقا على قصيدته النونية :
«لقد كان أوضح أسلوباً وأسطع قصداً ... فقد تجلّت في قصيدته روح العالم القائد الذي يشعر بالمسؤولية الملقاة على كاهله ، وتجلّت روح إسلامية أصلية عميقة تطالب بالكفاح والنضال والمساعدة السريعة للمسلمين ، وصوّر الحادث تصويراً يدفع كلّ مسلم إلى المشاركة العاجلة فيها ، لما فيها من تأنيب واستفزاز ونداء لإغاثة الإسلام الذي صمّ المسلمون آذآنهم عن سماعه»(١).
ونبّه الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء إلى قضيّة مهمّة لها علاقة بالشاعرية تتمثل في علاقة البيئة بالإنتاج الشعري وذلك في مقدّمة كتاب (سحر بابل وسجع البلابل) في حديث خاصّ عن الحلّة الفيحاء وبيئتها الغنّاء جاء فيه :
«أمّا حضارتها في الشعر ـ فحدّث ولا حرج ـ فإنّ لتربتها ومائها وهوائها تأثيراً عجيباً في تلطيف الشعور ، وتنشيط القرائح ، وتوسيع الخيال ، وتمكين الخفّة والأريحية .... وأعان على ذلك ما عرفت من حسن هوائها وطيب
__________________
(١) الشعر العراقي الحديث وأثر التيّارات السياسية والاجتماعية فيه : ٥٧.