المبحث الثالث
فن المقالة الأدبية
وهو فنّ آخر من الفنون الأدبية التي برع فيها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، حتّى عدّه الدارسون من روّاده ومنهم الدكتور منير بكر الذي رأى أنّه : «مُنح قدرة المصلح ، وموهبة الأديب ، فاستطاع أن يتحرّى الحقائق ، ويستقصي الأدلّة والشواهد ، وأن يلتزم بالحيدة والإنصاف في كلّ كلمة خطّها ، والبعد عن التحيّز والهوى في كلّ رأي جاهر به ودعا له ، (فضلاً عن) ما يسبغه على تلك الموضوعات والآراء من الوحدة الموضوعية والصياغة الفنّية ، فاستحقّ أن يكون بحقّ فقيهاً متحرّراً ، وكاتباً مجيداً وصحفيّاً لامعاً»(١).
وذلك يدلّ على القدرة الفنّية والموهبة والطبع الذي امتاز به الشيخ رحمه الله ، وتكشف أغلب مقالاته التي نشرت في المجلاّت النجفيّة التي كانت تصدر آنذاك عن شخصيّته التي كانت تقف في صدارة هذا العصر ، ولا عجب في هذا ، لأنّ هذه الشخصيّة امتلكت مقوّمات العالمية في بعدها التفكيري الإنساني وأدبيّتها التي تجمع بين آليّات المنطق ومتطلّبات الإجادة الفنّية ، تتجاوز الأفق المحلّي إلى الآفاق العالمية إبداعاً وتلقّياً ، ويشير جعفر الخليلي إلى هذه الشهرة في قوله :
«ولعلّ أوّل باب فتح لشهرة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء في
__________________
(١) هكذا عرفتهم : ٢٣٠.