حذف السند واختصار النسب وذكر الأخبار المهمّة وحذف كلّ ما هو ماجن طلباً للإيجاز ، فضلاً عن غربلة وتنقيح الأشعار والأخبار الواردة في الكتاب ، فكان لا يدوّن إلاّ القصيدة المستحسنة النظم ، ومعياره في ذلك جودة حسّه وذوقه الرفيع المدرّب كونه أحد الشعراء الذين عرفوا مسالك الشعر ، ومن ثمّ قام بعمليّة نقدية أخرى تتعلّق بالمنهج الإسلامي الملتزم الذي كان يتّبعه في أغلب مؤلّفاته ، فنجده يختار للشاعر الجيّد من شعره والذي يحمل عادة مضموناً إسلاميّاً هادفاً لا يتعارض وتعاليم الدين الإسلامي ، حتّى أنّه كان ينتقد على صاحب (الأغاني) إيراده للنوادر التافهة أو الماجنة ، فهو يأخذ على الأصفهاني إيراده لنماذج من شعر أبو الأسود الدؤلي لم تكن بالقوّة الكافية في قوله : «ثمّ إنّ أبا الفرج ذكر جملة وافية من شعره ولكنّه ليس بتلك القوّة والمتانة ، ونحن نذكر ما ننتخبه من أشعاره ، وجميع ما أورده من شعره إنّما كان في وقايع خاصّة ولكنّه لا يخلو أكثره عن حكم وآداب من ذلك قوله :
وأهوج ملحاح تصاممت قبله |
|
إلى سمعه وما بسمعي من باس»(١). |
بعدها يعلّق الشيخ محمّد حسين على هذه القصيدة بقوله :
«وهذه الأبيات أكثرها في غاية التعقيد ، وكذا أكثر شعره ، وليته حين أخذ النحو عن أمير المؤمنين عليهالسلام أخذ منه علم المعاني والبيان حتّى يفصح في بيان ما يريد»(٢).
__________________
(١) مختار من شعراء الأغاني : ١١ ـ ١٢.
(٢) المصدر نفسه : ١٣.