إذاً الشيخ كان مع الشعر الواضح البيّن الذي لا يحتاج معه القارئ إلى كدّ الذهن وإتعاب الخاطر ، وأن يتجنّب التعقيد الذي تسبّبه استعمالات الشاعر لألفاظ مهجورة أو تراكيب غامضة معقّدة ، والمسألة لها علاقة بطريقة تركيب الشاعر للجمل ، ومدى التزامه بالقواعد النحوية ، وإشارة الناقد هنا إلى أن يتسلّح الشاعر بالبلاغة العربية المتمثّلة بعلم المعاني والبيان ، وأن يتّخذ الشاعر من طريقة وأسلوب الإمام عليّ عليهالسلام منهجاً يحتذيه فيما ينظم من قصائد.
ويتّضح من هذا أنّ الشيخ عمل على إعادة إنتاج وإخراج كتاب (الأغاني) بروح نقديّة ، فقد كثرت الملاحظات النقديّة والمؤاخذات من قبل الشيخ رحمه الله على صاحب (الأغاني).
ولا يخلو الكتاب النفيس للشيخ الإمام محمّد حسين كاشف الغطاء المسمّى بـ : (المراجعات الريحانية) من وجود آراء نقدية ، فقد كان النقد الأدبي عنده لون من ألوان الحوار ، كما وللحوار والمناظرة أدب خاصّ ، فضلاً عن النقد اللغوي الذي احتلّ حيّزاً لا بأس به ، وقد تطرّق من خلاله إلى مسائل لغويّة منها قضيّة الاشتراك اللفظي والترادف وتأثيره على تفسير وفهم النصّ ، فقد ردّ الشيخ على الأب انستاس الكرملي عندما اتّهمه بأنّ آفة كلامه الإكثار والتفريط فقد ردّ عليه بأنّ هذا الاستعمال اللغوي ليس من التكرير أو الزيادة ، إنّما هو محاكاة للكلام البليغ ، وقد استشهد على ذلك بنصوص من القران الكريم والشعر العربي الفصيح.