ومن القضايا النقدية المهمّة التي تطرّق إليها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء قضيّة اللفظ والمعنى ، محاولاً البحث عن سرّ الجمال في النصوص ، هل يرجع إلى اللفظ أم المعنى ، أم إلى تآزر اللفظ مع المعنى وجودة صياغتهما ، وهو الرأي الذي يميل إليه الشيخ ، ويعتمد إلى إثبات جودة النصّ من خلال تحليل أجزاء النصّ ومكوّناتها البنائية لكي يصل إلى إثبات جودته ، وخاصّة في معرض ردّه على بعض الرسائل التي تتّهم بعض الخطب بعدم الاعتدال ، أو الإيجاز المخلّ أو ركاكة التركيب ، قائلاً :
«أمّا الألفاظ فقد نظرنا كلّ واحد ممّا اشتملت عليه الخطبتان ... نظرناها بالعين المجرّدة فلم نجد فيهما ولا لفظة واحدة خارجة عن حدّ الاعتدال ، لا مرذولة سافلة ، ولا وحشية نافرة ، هذا من حيث مفردات الألفاظ ، وأمّا من حيث الصياغة والتركيب فليس في شيء منهما إيجاز مخلّ أو إطناب مملّ ، أو تقديم وتأخير موهم»(١).
ومن الجدير بالذكر أنّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء تأثّر بالتراث العربي القديم في مجال النقد ، وربّما يعود السبب في ذلك إلى ثقافته وتأثّره بالموروث العربي من أدب ونقد ، فقد كان يحفظ الكثير من النصوص القديمة ، ويتّضح هذا من كثرة استشهاداته بهذه النصوص والتي يعود بعضها إلى أمراء البيان في العصر الجاهلي ، أمثال أكثم وقس بن ساعدة الأيادي.
__________________
(١) المراجعات الريحانية : ٢ / ٤٣.