إذاً كثرت جهود الشيخ النقدية وتنوّعت وتعدّدت مصادره في النقد ، وعلى الرغم من هذا التنوّع والتعدّد ، إلاّ أنّ هناك خيطاً يجمعها هو أسلوب الشيخ في النقد ، ومن أبرز ملامح هذا الأسلوب هو المنهج الذوقي ، فقد امتلك حاسّة من الذوق المدرّب الذي استطاع من خلاله أن يميّز بين الجيّد والرديء في الأعمال التي تناولها بالدراسة والتحليل ، ومنها نقوده الأدبية التي اشتمل عليها كتابه (مختار من شعراء الأغاني) ولا عجب في ذلك «فالإمام كاشف الغطاء أديب بأدقّ معاني كلمة الأدب ، فقد كتب في جملة من الأنواع الأدبية ، وبرع في أكثر من فنّ ، وما خطبه وكتبه ومقالاته وكلماته إلاّ دليل ذلك»(١).
لقد اختار الشيخ من شعره المختار ما يعطي القارئ فيه صورة عن منزلته الشعرية ونواحي امتيازه فيه ، وهذه ناحية مهمّة في تقريب الإفهام من تلك العصور المشرقة ... فإنّه ليس من المتيسّر على كلّ قارئ تناول تلك الموسوعات(٢).
أمّا عن المنهج المتّبع في هذا الكتاب فقد وضع خطوطه نجله الشيخ عبد الحليم كاشف الغطاء في قوله : «وقد انتهج سماحته في الاختصار الأمور التالية : حذف السند ، واختصار النسب ، وذكر الأخبار المهمّة ، وحذف النوادر التافهة والماجنة ، وانتخاب الجيّد من نظم الشاعر ، وذكر أبياتاً قليلة من
__________________
(١) أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف : ٢٢٧.
(٢) ينظر مقدّمة مختار من شعراء الأغاني : ٤.