فقد علّق الشيخ كاشف الغطاء عليها بقوله :
«وهذه الأبيات أكثرها في غاية التعقيد ، وكذا أكثر شعره ، وليته حين أخذ النحو عن أمير المؤمنين عليهالسلام أخذ منه علم المعاني والبيان حتّى يفصح في بيان ما يريد»(١).
إذاً الشيخ لاحظ أنّ هذا الشعر يندرج ضمن شعر العلماء الذي يفتقر أحياناً إلى الصورة الفنّية المؤثّرة ، لهذا يؤكّد على مسألة مهمّة وهي أنّ الشاعر عليه أن يتقن فنّ البلاغة العربية ، لأنّه من خلالها يستطيع أن ينتقي الصور الفنّية المؤثّرة التي تستند إلى فنون البلاغة البيانية من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية.
ومن الجدير بالذكر أنّ الإمام كاشف الغطاء تنبّه إلى مسألة دقيقة تتعلّق بصحّة نسبة الأبيات الشعرية إلى قائليها ، وهي قضيّة مهمّة من قضايا النقد الأدبي ، فعلى الناقد أن يتأكّد من قائل الأبيات الشعرية قبل القيام بعملية النقد والدراسة لأي نصّ من النصوص ، وهي تعدّ الخطوة الأولى ، وقد ورد هذا في حديثه عن الشاعر (ديك الجنّ)(٢) الذي ترجم له صاحب الأغاني واختار له من الأبيات قوله :
__________________
(١) المختار من شعراء الأغاني : ١٢. والأبيات منسوبة إلى أبي الأسود الدؤلي ، ينظر الديوان : ٩٦ وكتاب الأغاني : ٢ / ١٤٣.
(٢) ديك الجنّ لقب غلب عليه ، واسمه عبد السلام ، وهو شاعر مجيد يذهب مذهب أبي تمّام في شعره وهو من شعراء الدولة العبّاسية وكان من ساكني حمص ، وكان يتشيّع تشيّعاً حسناً.