يا طَلْعَةً طَلَعَ الحِمَامُ عَلَيها |
|
وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْها |
رَوّيْتُ مِنْ دَمِها الثّرى ولَطَالَما |
|
رَوَّى الهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتيْها |
قَدْ باتَ سَيْفي في مَجَالِ وِشَاحِها |
|
ومَدَامِعِي تَجْرِي على خَدَّيْها |
فَوَحَقِّ نَعْلَيْها وما وَطِىَ الحَصَى |
|
شَيء أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَعْلَيْها |
ما كانَ قَتْليِها لأَنِّي لَمْ أَكُنْ |
|
أَبكي إذا سَقَطَ الذُّبَابُ عَلَيْها |
لكنْ ضَنَنْتُ على العيونِ بِحُسْنِها |
|
وأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الحَسُود إِليها(١) |
فقد علّق عليها الإمام كاشف الغطاء بقوله :
«وذكر أبو الفرج هنا أنّ هذا الأبيات تروى لغير ديك الجنّ وذكر قصّة لها ... أقول : ولكن الأبيات المتقدّمة إلى شعر ديك الجنّ أقرب ، وهي بأسلوبه ألصق وأنسب ، كما تشهد بذلك بقيّة مراثيه مثل قوله :
أَشْفَقْتُ أَنْ يَرِدَ الزَّمانُ بِغَدرِهِ |
|
أَوْ أُبْتَلى بَعْدَ الوِصَالِ بَهَجْرِهِ |
قَمَرٌ أَنا اسْتَخْرجُتُهُ مِنْ دَجْنِهِ |
|
لِبَليّتي وجَلَوْتُهُ مِنْ خِدْرِهِ |
فقتلتُهُ ولَهُ عَلَيَّ كَرامَةٌ |
|
مِلء الحَشا ولهُ الفُؤادُ بأَسْرِهِ |
عَهْدِي بِهِ مَيْتاً كأَحْسَنِ نائم |
|
والحُزْنُ يَسْفَحُ عَبْرَتي في نَحْرِهِ |
لَوْ كانَ يَدري الميْتُ ماذا بَعْدَهُ |
|
بالحىِّ حَلَّ بَكَى لهُ في قَبْرِهِ |
غُصَصٌ تكادُ تغيظ مِنها نَفْسُهُ |
|
وتكادُ تُخْرِجُ قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ»(٢) |
__________________
(١) الأبيات في الديوان : ١٦٦ ، والمختار من شعراء الأغاني : ١٥٨ ، والأغاني : ٤ / ٢٢٣.
(٢) مختار من شعراء الأغاني : ١٥٩.