شرّفها الله تعالى ـ وحضر درس أُستاذه رحمه الله ، لكن أُستاذه صار شيخاً معمّراً ، فاشتغل هو بالمطالعة والمباحثة وجدّ كمال الجهد حتّى صار مدرّساً ماهراً نزير النظير ، وصار مجلسه مملوّا من العلماء العظام ، وببركة أنفاسه الشريفة ترقّى جمع كثير في مدّة يسيرة من حضيض التقليد إلى أوج الإجتهاد»(١).
وكذا قال : «صرف عمره الشريف في تربية الطالبين ، وكان له مجلسان : أحدهما للمنتهين والآخر للمبتدئين ، ويدرّس في أيام التعطيل لجمع آخر من الطالبين ، وفي شهر رمضان يدرّس بالليل ، وكان مشغولاً مع الطالبين إلى نصف الليل بالمباحثة ، وبعد بالزيارة والعبادة ، فلذا كان قليل التصنيف.
ومصنّفاته على ندارتها لم تخرج من السواد إلى البياض ، قلت له رحمه الله في زمان : اشتغل بالتصنيف والتأليف وثبّت هذه التحقيقات التي لم تصل إليها أيدي العلماء الماهرين والفضلاء المتبحّرين والفقهاء الكاملين ، فأجابني بأنّ تكليفي تربية الطالبين وتعليم المتعلّمين ، وما ألّفتموه وصنّفتموه فهو منّي.
وكان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والضبط ودقّة النظر وسرعة الإنتقال في المناظرات وطلاقة اللسان ، لم أر مثله قطّ ، ولم يباحث مع أحد إلاّ وقد غلب عليه وكان له يد طولى في علم الجدل.
__________________
(١) راجع : الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة ، ص٣٢. مع تفاوت يسير.