أن يحجب ذلك الكلام عن جميع خلقه إلا من يريد أن يكلمه به نحو كلامه لموسى عليهالسلام لأنه حجب ذلك عن جميع الخلق إلا عن موسى عليهالسلام وحده ، لأن الحجاب لا يجوز إلا على الأجسام المحدودة » (١) .
٣ ـ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ، كما في تبليغ جبرائيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صورة معينة ، أو صور متعددة ، وحي القرآن الكريم عن الله ، من غير أن يكلم الله نبيه على النحو الذي كلم به موسى عليه السلام .
هذه الأصناف والمراتب في الإيحاء حددتها الآية الكريمة السابقة فيما يتعلق بوحي الأنبياء عليهمالسلام كما يبدو ، إلا أننا من متابعة هذه الظاهرة في القرآن الكريم ، لاحظنا بعض الدلالات الإيحائية لهذا التعبير قد تختلف عما تقدم ، ويمكن الإشارة إلى أهمها بما يلي :
أ ـ الإلهام ، وهو أن يلقي الله تعالى في النفس أمراً يبعث على الفصل أو الترك ، وهو نوع من الوحي ، يخص به الله من يشاء من عباده ، غير قابل للتفكير به ، أو التخطيط له مسبقاً ، ليفرق بينه وبين الحالات اللاشعورية من جهة ، والسلوك الكسبي من جهة أخرى ، كما يدل على ذلك قوله تعالى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ . . . ) (٢) . وقوله تعالى : ( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (٣٨) ) (٣) .
ب ـ التسخير ، وهو أن يسخر الله تعالى بعض مخلوقاته إلى عمل ما ، بهديه وإشاءته وتسخيره ، بشكل من الأشكال التي لا تستوعبها بعض مداركنا أحياناً ، ويستيقنها الذين آمنوا دون أدنى شبهة ، كما يدل على هذا النوع قوله تعالى :
( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا . . . (٦٨) ) (٤) .
ج ـ الرؤيا الصادقة ، وهي وحي إلهي بالنسبة للأنبياء عليهمالسلام خاصة ،
__________________
(١) الطبرسي ، مجمع البيان : ٥ / ٣٧ .
(٢) القصص : ٧ .
(٣) طه : ٣٨ .
(٤) النحل : ٦٨ .