البلاغة ، خطبه ورسائله وكلماته القصار ، بشكل جليّ ، وتتجلّى مظاهر هذا التناصّ في عدّة أمور ؛ منها التناص في الموضوعات ، والتناص في بناء الجمل ، والتناص في مطالع الخطب ، والتناص في الألفاظ ، وهذه هي الأنواع المعنية بالدراسة في هذا المبحث من هذا الفصل ؛ وسيقع الاختيار في دراسة التناص في هذه الخطب على الخطبة الأولى المسمّاة بالخطبة اليونسية ، وخطبة عيد الفطر ، والخطبة العنكبوتية ، والسبب في اختيار هذه الخطب الثلاث هو وضوح التناص بينها وبين نهج البلاغة في أكثر من موضع ، ولحصر الأمثلة في البحث.
١ ـ التناص في الموضوعات :
ورد في الفصل الثاني من هذا البحث موضوعات الخطب الموجودة في المخطوط ، والفاحص يرى تشابهاً في بعض موضوعات هذه الخطب والموضوعات الموجودة في نهج البلاغة ، ولعلّ أوّل عنوان يمكن أن ترى فيه هذه الظاهرة هو عنوان الخطبة العنكبوتية(١) ، هذه الخطبة التي يصف فيها بديع خلقة العنكبوت ، ولا بدّ من إيراد بعض الشواهد من هذه الخطبة ، إذ يبتدئ الخطبة بوصف الحيوان ؛ فيقول : «الحمد لله الذي جعل جنس الحيوان أنواعا ، وفرّق بين كلّ نوع فصولاً وطباعا ، وفرّق بينهما عوارض وأوضاعا ، وخلق لها أفئدة وشقّ لها أبصاراً وأسماعاً ... وخالف ما بين نغماتها فمنها
__________________
(١) المخطوط : من ص٢٨ إلى ص٣٢.