الجانب لضيق المقام ، ولكن لا بدّ من إيراد مقطع من خطبة للإمام عليّ عليهالسلام تتنوّع فيها الأساليب والتراكيب ، ويُنتقل فيها من الإنشاء إلى الخبر ، وتكون فيها التراكيب متنوعة ؛ فتستخدم الجمل الفعلية والجمل الاسمية من غير توكيد أو مؤكّدة بمؤكّد واحد أو أكثر ، وتصب في الغرض نفسه وهو التحذير من الدنيا ؛ يقول عليهالسلام في الخطبة الغرّاء : «... أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ، ووقّت لكم الآجال ، وألبسكم الرياش ، وأرفغ لكم المعاش ، وأحاط بكم الإحصاء ، وأرصد لكم الجزاء ، وآثركم بالنعم السوابغ ، والرفد الروافغ ، وأنذركم بالحجج البوالغ ، فأحصاكم عدداً ، ووظّف لكم مدداً ، في قرار خبرة ، ودار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، ومحاسبون عليها ، فإنّ الدنيا رنق مشربها ، ردغ مشرعها ، يونق منظرها ، ويوبق مخبرها ، غرور حائل ، وضوء آفل ، وظلّ زائل ، وسناد مائل ، حتى إذا أنس نافرها ، واطمأنّ ناكرها ، قمصت بأرجلها ، وقنصت بأحبلها ، وأقصدت بأسهمها ، وأعلقت المرء أوهاق المنية قائدة له إلى ضنك المضجع ، ووحشة المرجع ، ومعاينة المحلّ ، وثواب العمل ، وكذلك الخلف بعقب السلف ، لا تقلع المنية اختراماً ، ولا يرعوي الباقون اجتراماً ، يحتذون مثالاً ، ويمضون أرسالاً ، إلى غاية الانتهاء ، وصيُّور الفناء ، حتّى إذا تصرّمت الأمور ، وتقضت الدهور ، وأزف النشور ، أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده ، رعيلاً صموتاً ، قياماً صفوفاً ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الدّاعي ، عليهم لبوس الاستكانة ، وضرع الاستسلام والذلّة ، قد