الأمر الآخر ، بدأ الشيخ مَيْثَم البحراني بحثه اللغوي ببحث عنونه بـ : (مباحث الألفاظ) ، والناظر المتمعّن يجد أنّ هذا العنوان يتكرّر في كثير من كتب علم أصول الفقه ، حتّى أنّ الباحث يمكنه الظنّ أنّ أيّ كتاب أصولي يقع في يديه ـ ولم يطّلع عليه بعد ـ يبدأ أُولى بحوثه بمبحث (مباحث الألفاظ) ، وربّما بعناوين شبيهة ، كـ : (المبادئ اللغوية)(١) أو (مبادئ اللغة)(٢) ، وقد يصدق حدسه في كثير من الأحيان ، وهذا ما يدفعنا إلى القول إنّ الشيخ مَيْثَم البحراني قد تعامل مع نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام معاملة (النصّ الشرعي) ، لا فيما تُفضي إليه دراسة النصّ الشرعي من أحكام ، وإنّما فيما يقتضيه النصّ من وسائل وأدوات للتعامل معه وفهمه(٣).
ومن الملاحظات الواضحة ما يمكن أنْ نطلق عليه (المنهجية العلمية في التأليف) ، وهو ما يظهر في أمور :
أوّلها : كثرة التقسيم في المقدّمة ، فالأسلوب القديم في التأليف يقوم على الاسترسال في الحديث وعدم المبالاة بالتقسيم والتفريع ، أمّا الشيخ مَيْثَم فإنّه يعمد إلى تقسيم القواعد إلى أقسام ، ثمّ يقسّم الأقسام إلى فصول ، وهذه
__________________
(١) مثل : الإحكام في أصول الأحكام ١/٢٩.
(٢) مثل : مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل ١/٢٢٠.
(٣) إنّما قلت إنّ الشيخ مَيْثَم تعامل مع (نهج البلاغة) معاملة النصّ الشرعي فيما يقتضيه من أدوات لا فيما يفضي إليْه من أحكام ؛ لأنّ الشيخ لو تعامل معه معاملة النص الشرعي فيما يفضي إليْه من أحكام شرعية لقدّم له بمقدّمات إضافية يحتاجها الفقيه لاستنباط الحكم الشرعي ، ممّا يتعلّق بعلم الرجال وعلم الحديث وغيرهما من العلوم.