الفصول بدورها تنقسم إلى أبحاث ، بل إنّ هذه الأبحاث مليئة بالتفريع والتقسيم ، وربّما يكون ذروة ذلك في الفصل الثاني من القاعدة الأولى ، وتحديداً في البحث الثاني والثالث ، إذْ نجده يستطرد في التقسيم ، لا سيّما في تقسيم اللفظ المفرد الكلّي.
والشيخ حينما يقسّم ، فإنّه في العادة لا يذكر جهة التقسيم ، كأنْ يقول : «اللفظ من حيث الإفراد والتركيب ينقسم إلى مفرد ومركّب» وهكذا ، وإنّما يعمد إلى القسمة مباشرة ، وهو من مظاهر الاختصار في مقدّمة الشيخ اللغوية.
كما أنّ الشيخ قد يخالف بعضهم في تقسيمه ، فمثلاً ، نجد الشيخ في تناوله للفظ المفرد في الفصل الثاني من هذا البحث لا يعمد في البحث الرابع ـ (بحسب تقسيم الشيخ ، الثالث في هذه الوريْقات) ـ وهو المعنوَن عندنا بـ : (وحدة اللفظ والمعنى وتعدّدهما) ، إذْ يتناول بيان النسبة بَيْن الألفاظ ومعانيها ، نجد الشيخ لا يصنّفه بوصفه تقسيماً ثالثاً للفظ المفرد كما فعل فخر الدين الرازي في محصوله(١) ، والشيخ لا يذكر صراحة مخالفته لهذا التقسيم ، وإنّما يُفهم ذلك من تناوله ، فإنّه يبدأ البحث السابق لهذا البحث (المفرد : جزئي وكلّي) واللاحق له (اللفظ المفرد : حرف وفعل واسم) بقوله : (اللفظ المفرد) ، خلافاً لهذا البحث ، فإنّه يشرع فيه بالقول : (اللفظ والمعنى ...) من غير أنْ يخصّص اللفظ بالمفرد كما فعل في البحث الذي يسبقه والبحث الذي يليه ، وفي ذلك دلالة كبيرة على عدم تبعية الشيخ العمياء لمَن سبقوه.
__________________
(١) المحصول في علم أصول الفقه ١/٣١١.