كثير ممّن تناول هذه الدلالات ، وربّما مقتدياً بالإمام فخر الدين الرازي ، فقد أورد أكثر من واحد أنّ هذا القيد «لم يذكره أحدٌ ممّن تقدّم الإمام»(١).
وقد اكتفى الشيخ مَيْثَم بتقييد دلالتَيْ التضمّن والالتزام دون المطابقة ـ كما هو الحال مع الإمام الرازي(٢) ـ ؛ «لأنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام لا يمكن معرفتهما إلا بعد معرفة المطابقة ؛ لكونهما تابعين لها ، فلو جعل القيد المذكور (من حيث هو كذلك) جزءاً من معرفة المطابقة للاحتراز منهما لزم أنْ يكونا معلومَيْن قبل المطابقة ، فيلزم أنْ يكون الشيء معلوماً قبل كونه معلوماً وهو محال»(٣) ، أي أنّ معرفة دلالتَيْ التضمّن والالتزام متوقّف على معرفة دلالة المطابقة ، فهما متأخرتان وجوداً عن دلالة المطابقة ، فلا يرد على الشيخ ـ ومَن لم يقيّد تعريف دلالة المطابقة ـ ما يرد على مَن لم يقيّد دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، وإلاّ فمفهوم هذا الإشكال إنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام معروفتان قبل دلالة المطابقة ، أي قبل كوْنهما معروفتَيْن ، ويمتنع عقلاً أنْ تكون الدلالتان (معروفتَيْن) و (مجهولتَيْن) في الوقت نفسه.
* ثانياً : الدلالات اللفظية بَيْن الوضع والعقل
لا خلاف بين العلماء في كون دلالة المطابقة دلالةٌ وضعية صِرفة ، أي لا
__________________
(١) نفس المصدر : ٣٩ نقلاً عن القرافي ، وانظر : نهاية الوصول في دراية الأصول : ١٢٣.
(٢) انظر : المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٢٩٩.
(٣) نهاية الوصول للهندي : ١٢٣ ، وقد علّق المؤلّف على ذلك بقوله : «ولا يخفى عليك ما فيه».