من ناحية أخرى رأيته متحرّجاً في نقل النصّ إلاّ بعد توثيقه ، يقول في مبحث الشفاعة عند تفسيره لفاتحة الكتاب : «وللشيخ محمّد عبده ـ على ما حكاه تلميذه في سورة الفاتحة ص ٤٦ وص ٤٧ من الطبعة الثالثة ـ كلام ألقاه على عواهنه في زوبعة الهياج المذكور ، وهو غريب من تحرّيه تهذيب كلامه ، وتدبّر القرآن الكريم وتفسيره ، والتحرّز من عبودية الأهواء ، ولم يحضرني كتاب تقسيره لأرى ما فيه في هذا المقام»(١).
ومن هذا المرتكز استعان البلاغي بالمصادر الإسلامية من غير الإمامية التفسيرية منها والحديثية والفقهية وغيرها ، كاعتماده تماماً على المصادر الإمامية ، فهو يعلن على الملأ في مختتم مقدّمته عناوين المؤلّفات وأسامي المصادر ما لا يحصى كثرةً ، وعلى سبيل الاستشهاد لا التعداد : تفسير الطبري والكشّاف والدرّ المنثور ، ومن كتب الحديث جوامع أهل السنّة الستّة وموطّأ مالك ومسند أحمد ومستدرك الحاكم(٢).
مضافاً لميزة التفسير العظمى وهي اعتداله في نقد المصادر ، وشفّافيّته في مجابهة الآراء المناقضة ، ولين العريكة في معترك الأفكار :
يشتدّ في سبب الخصومةِ لهجةً |
|
لكن يرقُّ خليقةً وطباعا |
وكذلك العلماء في أخلاقهم |
|
يتباعدون ويلتقون سراعا |
__________________
(١) آلاء الرحمن. خاتمة المقدّمة ١ / ٤٩.
(٢) آلاء الرحمن ١ / ١٦.