ويدلّل هذا التفسير للشيخ على طول باعه وسعة اطلاعه على العلوم العصرية ومنها الجغرافيا ، ذكر في تفسير قوله تعالى : «(وَتَصْرِيْفِ الرِّياحِ)التي يسمّونها قطبية واستوائية وموسمية وتجارية وما في استقامتها وهدوّها في البحر المسمّى بالمحيط الهادي ـ أي الساكن ـ وهو الواقع بين آسيا وأمريكا ، وإنّ مساحة قطره من المشرق إلى المغرب تزيد على ...»(١).
وهناك تفصيلات راقية تشريحية ـ لو صحّ التعبير ـ إذ يعقد الشيخ فصل مقارنة وميزان رجاحة بين الدماغ والقلب ، ويتعرّض إلى تفاصيل طبّية لطيفة من خلال تلافيف الدماغ وأوعية القلب ليثبت عندها أنّ القلب هو مركز الإدراك والتعقّل لا الدماغ ، وأنّ الدماغ هو محفظة لصور المدركات التي يستودعها القلب إيّاه.
ويتطرّق إلى نظرية داروين التي شغلت آنذاك الأوساط العلمية ومن ثمّ الدينية وأخذت مأخذها حين يتعرّض إلى تفسيره للآية (يَا أيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الْذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة ...)(٢).
ولا يجد البلاغي مندوحة عن دحض بعض الأقوال وهو نقد علمي تفسيري بحدّ ذاته فعلى سبيل الاستشهاد لا التعداد يردّ البلاغي رأي محمّد رشيد رضا في (المنار) في تفسيره (للنفس الواحدة) في مطلع سورة النساء فصاحب المنار لا يرى أنّها (آدم) لا نصّاً ولا ظاهراً. ويبلغ البلاغي مرامه في
__________________
(١) آلاء الرحمن ١ / ١٤٤.
(٢) سورة النساء : ٢.