بالكبار وتفرّد في الدنيا عن كثير من شيوخه»(١) كما أنّ منهم أبا محمّد عبد الحقّ ابن محمّد الزهري (٥٣٨ ـ ٦٢٢ق) الذي قال عنه الذهبي أيضاً : «عمّر وأسنّ حتّى ألحق الصغار بالكبار»(٢).
وعلى كلّ فنستخلص من جميع هذه المعطيات الرجالية والتاريخية أنّ النجاشي يريد بقوله: «ألحقنا ...» أنّ ابن الجندي كان ممّن طعن في السنّ حتّى علا إسناده فتمكّن بفضل هذا العمر الطويل والسماع المبكّر للحديث الذي حظي بهما من أن يروي عن شيوخ لم يدركهم الكثير من مشايخ النجاشي فاستطاع أن يروي لتلامذته ومنهم الشيخ النجاشي ما سمعه من مشايخه وأن يجيزهم ما صحّت له روايته فألحق تلامذته بشيوخه فأصبح من خلال ذلك حلقة من حلقات الأسانيد العالية قليلة الوسائط. ومن ثمّ فلو كان الشيخ النجاشي يتوخّى الرواية عن بعض شيوخ ابن الجندي من غير أن يمرّ السند به لازداد عدد الوسائط عادةً حيث لم يكن له بدّ من أن يروي بواسطتين ـ على الأقلّ ـ عن أولائكم الشيوخ.
ولا أدلّ على ذلك من أنّ غالبيّة من وصف في كتب التراجم بأنّه: «ألحق الصغار بالكبار» توفّوا وقد ذرّفوا على التسعين كما أنّ المترجمين لهم نصّوا على علوّ أسانيدهم وطلبهم المبكّر للحديث.
__________________
(١) تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٨٧.
(٢) تاريخ الإسلام ١٣ / ٧١٠.