ومهما يكن فيبدوا أنّا بحاجة ماسّة إلى تزويد القارئ الكريم بعدد من القرائن والمعلومات حول الشيخ ابن الجندي ـ ربّما لم يأخذها العلاّمة في الحسبان على الرغم من توفّرها ووضوحها ـ ممّا نتمكّن في ظلّها من تسليط الأضواء على شخصيّة شيخنا ومكانته العلمية ووثاقته وتبديد الضبابيّة التي أحاطت به والدفاع عنه أمام ما وجّهته إليه العامّة من طعون وافتراءات وذلك من خلال تبيين الأمور التالية:
١ ـ فيما يخصّ عدم تصريح الشيخ النجاشي بوثاقة الشيخ ابن الجندي على الرغم من تتلمذه عليه فيبدو لنا أنّه ناجم عن وضوح وثاقته واشتهاره بشكل كان النجاشي يرى نفسه في غنىً عن التعرّض له فكيف يعقل أن يروي الشيخ النجاشي عن ابن الجندي في أكثر من (٥٠) مورداً ويجعله طريقاً إلى رواية كمٍّ هائل من تراث أصحابنا وكتبهم التي تحمل بين طيّاتها مئات الروايات ومع ذلك كلّه لم يكن ابن الجندي عنده ثقة معتمداً عليه؟
لو فعل اليوم ذلك باحث لكان ذلك شططاً منه في الرأي فما ظنّك بالشيخ النجاشي وهو الرجالي الكبير الذي أخذ على عاتقه مهمّة سرد أسماء مصنّفي الشيعة وكتبهم فهل يكون بإمكانه التأكّد من صحّة انتساب الكتاب إلى الراوي دون أن يرى صحّة طريقه؟ والطريف أنّ هذه الحقيقة هي التي نلاحظها بوضوح عند الشيخ النجاشي حيث قال في معرض ذكر طريقه إلى كتاب الوصية لـ: (عيسى ابن المستفاد): «رواه شيوخنا عن أبي القاسم جعفر بن محمّد قال: حدّثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل بن هلال بن الفضل بن محمّد بن أحمد بن سليمان