إذن فلو كان واقع الحال كما ادّعاه الآبنوسي لتعامل النجاشي مع ابن الجندي تعامله مع الشيخ الجوهري ولم يكترث بما سمعه منه في حين أشرنا فيما سبق إلى كثرة ما نقله النجاشي عنه.
وأجدني في غنىً عن الإسهاب في دراسة هذا الاتّهام بأكثر من هذا، وأستبعد أن يولي الباحث الذي أوتي حظّاً من الإنصاف والتجرّد من الأهواء قيمةً علمية لمثل هذا الاتّهام ولا سيّما إذا أرجف به مثل الآبنوسي.
٤ ـ أمّا بالنسبة لقول الخطيب: «كان يضَعّف في روايته» فلم نجد ما يحطّ من قدر رواية الشيخ ابن الجندي إلاّ ما حكاه الأزهري عن الآبنوسي والظاهر أنّ الخطيب يصدر في هذا الطعن عنه وقد أشبعنا القول فيه فلا نُعيد. أمّا قوله: «يطعن عليه في مذهبه» ففي تصوّري أنّ هذا هو حجر الزاوية الذي يتمحور حوله كلّ ما وجّهوه إليه من طعون وهو العامل الرئيس لمحاولة الغضّ من شأن هذا الشيخ الموسوعي الذي ضرب في كلّ من الوسطين السنّي والشيعي بسهم فإنّ كون الرجل شيعيّاً أو رافضيّاً ـ على حدّ تعبير الكثيرين من العامّة ـ يكفي بمفرده لأن يفقد الراوي كافّة ما يتمتّع به من خبرات وأهليّات وكفاءات علمية وحديثية أن يسقطه من الحساب تماماً حتّى لو كان من أعلام عصره وكان ثقة في الحديث متحرّجاً عن الكذب وبقيّة الذنوب وملتزماً بأحكام الشريعة وآدابها.
وهذه ظاهرة مرّة يلمسها بوضوح من ألقى نظرة عابرة على ما كتبه العامّة في الرجال والتراجم والتاريخ والفقه و ... وزبدة المخض أنّ الشيعة «كأنّهم قد جنوا ما ليس يُغتَفَرُ».
ومهما يكن فنفضّل هنا أن نوكل القارئ إلى ضميره الواعي كي يحكم هو