والنهي عن الأخذ من المقدّم مطلقاً يدلّ على تحريم جميع مراتب الأخذ ، ولا ينافي التمسّك بالإطلاق ما جاء في الرخصة وفي الإصلاح ، فيبقى الإطلاق حجّة على تحريم الأخذ على وجه الاستئصال ، والمراد بالأخذ من العارضين الأخذ من الخدّين ، وهو الإصلاح المتعارف.
ومنها : ما رويناه عن الصدوق من أصل كتاب الخصال ، رواه في الصحيح عن أبي عبدالله عليهالسلام ، أنّه قال : ثلاث طوائف لا يكلّمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم ، الناتف شيبه ، والناكح نفسه ، أي: المستمني ، وهو اللاعب بآلته حتّى يخرج المني ، والمنكوح في دبره(١).
ولا ريب أنّ المراد نتف اللحية واستئصال إزالتها ، لا مطلق النتف بقرينة التهديد المذكور والتعبير بالنتف ، لأنّه المتعارف عندهم ، وإلى الآن نوع الأعراب عادتهم نتف الشعر وإزالته بالنتف ، فالمراد حرمة أزالة شعر اللحية بأيّ سبب كان.
ومنها : ما رويناه عن الشيخ ابن بابويه من أصل كتابه معاني الأخبار ، رواه بإسناده عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : حفّوا الشوارب ولا تشبّهوا بالمجوس(٢). يعني ولا تحفّوا اللحى كالمجوس الذين يحفّون اللحى ويفتلون الشوارب ، ويشهد لهذا التفسير عدّة روايات تقدّمت من طرقنا وطرق العامّة.
__________________
(١) الخصال : ١٠٦ ح ٦٨ باب ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ، وسائل الشيعة ٢ / ١٣١ ح ١٧٠٩ باب جواز جزّ الشيب وكراهة نتفه وعدم تحريمه.
(٢) معاني الأخبار : ٢٩١ باب معنى حفّ الشوارب.