قال : قال الصادق عليهالسلام في حديث طويل ما نصّه : ولو لم يخرج الشعر في وجهه في وقته ألم يكن سيبقى في هيئة الصبيان والنساء ، فلا ترى له جلالة ولا وقاراً ، قال المفضّل : فقلت : يامولاي فقد رأيت من يبقى على حاله ولا ينبت الشعر في وجهه ، وإن بلغ حال الكبر ، فقال عليهالسلام : ذلك بما قدّمت أيديهم ، وإنّ الله ليس بظلاّم للعبيد(١).
فدلّ على أنّ من حُرِم اللحية كان كالنساء والصبيان ، فلو تعمّد حلق لحيته كان من المتعمّد بتشبّهه بالنساء والصبيان ، وقد تضافرت الأحاديث بالنهي والتحريم على ذلك ، ودلّ على أنّه لو حرمه الله اللحية كان ذلك ظلماً من الله تعالى ، لكن قد تسبّب بهذا الظلم وهو الحرمان هو العبد نفسه أو أبوه ، فيكون الحرمان نكالاً وعقوبة للعبد لعلمه تعالى بصدور الحلق منه باختياره أو عقوبة للآباء العاملين ما يوجب هذا النكال ، فإنّ معاوية كان كوسج اللحية ، فقال للحسن عليه السلام : أيّ آية تجمع بين لحيتي ولحيتك ، تقولون : إنّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء. فقال الحسن عليه السلام : قوله تعالى : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إلاّ نَكِدَا)(٢).
وفيه دلالة ظاهرة على أنّ المحروم من اللحية بأصل الخلقة إنمّا حرمها الله لخبث طينته وقبح سريرته ، فالحرمان نكال من الله وغضب ، وإليه الإشارة في
__________________
(١) التوحيد : ١٣ باب كيفيّة ولادة الجنين وغذائه وطلوع أسنانه ، بحار الأنوار ٣ / ٦٣ الخبر المشتهر بتوحيد المفضّل بن عمر.
(٢) الدرّة النجفية ٢ / ٣٤٨ ، والآية في سورة الأعراف : ٥٨.