حديث المفضّل بقوله عليه السلام : «ذلك بما قدّمت أيديهم» فحلق اللحية اختياراً أيضاً كاشف عن غضب الله على الحالق وأنّه خبيث السريرة ، فيلزم منه وضوح الحكم بالحرمة كما هو ظاهر.
وأمّا حكم العقل :
فالعقلاء يقبّحون حلق اللحية ، لأنّه المُذهِب بجلالة الرجل ووقاره ، كما هو نصّ الصادق عليه السلام في حديث المفضل(١) ، وعمل يوجب المُثلة والهتك وزوال البهاء والهيبة ويوجب الانضمام(٢) في سلك المخنّثين والخصايا والنساء.
ألا ترى تظلّم الأحنف عامل أمير المؤمنين عليهالسلام على البصرة لما نتف أصحاب طلحة والزبير لحيته وكسروا رجله وعوّروا عينه وأنزلوا عليه المصائب جاء إلى أمير المؤمنين عليهالسلام متظلّماً فقال : يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية وجئتك أمرداً ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : أصبت خيراً وأجراً(٣).
قال محمّد مرتضى الزبيدي في شرح إحياء العلوم : ولم يذكر الأحنف حتفه في رجله ولا عوره في عينه ، وذكر كراهة عدم اللحية ، وكان الأحنف رضي الله عنه رجلاً عاقلاً حليماً كريماً(٤).
وحكى الغزالي في الإحياء عن أصحاب الأحنف بن قيس أنّهم قالوا : وددنا
__________________
(١) تقدّم آنفاً.
(٢) في الأصل : (الانضمان) ، وما أثبتناه هو الصحيح.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٤ / ١٨ باب أخبار علي عليهالسلام عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة.
(٤) إتحاف السادة المتّقين في شرح إحياء علوم الدين.