المترادف إلى غيره ، جاز استبدال اللفظ المترادف الآخر به؛ لأنّه لم يطرأ على المعنى أيّ تغيير.
والحقّ خلاف ذلك ، فكما أنّ صحّة التركيب متوقّفة على صحّة المعاني ، فكذلك هي متوقّفة على صحّة الألفاظ ، ويدلّل الشيخ مَيْثَم على ذلك بمثال مفاده أنّنا لو أبدلنا لفظ (من) بمرادفه من الفارسية لم يصحّ ذلك ، وهو امتناع من جهة الألفاظ لا من جهة المعاني ، فالمعنى لم يتغيّر ، وإنّما التغيّر قد طرأ في الألفاظ ، «فإذا قلتَ : (خرجتُ مِن الدار) استقام الكلام؛ ولو أُبدِلَت صيغة (مِنْ) ـ وحدها ـ بمرادفها من الفارسية لم يجُز»(١) ، فإنّ الجملة ستكون : (خرجتُ (أز) الدار) ، وهذا يستلزم اختلاط اللغتَيْن ، «واختلاط اللغتَيْن يستلزم ضمّ مهمل إلى مستعمل ، فإنّ إحدى اللغتَيْن بالنسبة إلى اللغة الأخرى بمثابة المهمل»(٢).
هذا الكلام كلّه يختصّ بإقامة كلّ واحد من المترادفَيْن حال كونهما في سياق التركيب مقام الآخر في لغتَيْن ، وهو ظاهر من كلام الشيخ وتمثيله ، ولكن ماذا عن إقامة كلّ واحد من المترادفَيْن مقام الآخر في لغة واحدة؟
قال الإمام الرازي : «إذا عُقِل ذلك في لغتَيْن فلِمَ لا يجوز مثلُه في لغة واحدة؟»(٣). ويُفهم من كلام الرازي أنّه يمنع ذلك في لغة واحدة أيضاً كما
__________________
(١) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٣٥٣.
(٢) الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي ١/٢٤٢.
(٣) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٣٥٣.