كاستصحاب الوجوب والحرمة المستندين الى حسن الفعل وقبحه، واستحصاب عدم الوجوب والحرمة ، إذا استندا الى قبح تكليف غير المميز إيجاباً وتحريماً .
كما لا فرق في الجواز بين استصحاب الوجود، واستصحاب العدم، إذا استندا إلى القضية العقلية، التي مفادها حكم العقل النظري.
فالأول : كما إذا أدرك العقل وجود المصلحة التي هي علة تامة في نظر الشارع لا يجاب الفعل - مثلاً - فان العقل يذعن بالايجاب لمكان العلية والمعلولية، ولا دخل له بمفاد حكم العقل العملي، فان ملاك الحسن والقبح العقلائيين هي المصالح العمومية الموجبة لا نحفاظ النظام والمفاسد العمومية الموجبة لاختلال النظام، لا المصالح الخصوصية التي تتفاوت بحسب أغراض الموالى، كما أشرنا إليه عند مباحث هذه التعليقة
والثاني: كما إذا أذعن العقل بعدم التكليف في الأزل بعدم علته، فان استصحاب التكليف عند الشك في بقاء علته واستصحاب عدم التكليف عند الشك في بقاء عدم علته على حاله لا مانع منه، إذ ليس وجود العلة، ولا عدمها عنواناً لمعلوله أو لعدم معلوله .
كيف ولا قيام لهما بهما ؟ حتى يكون عنواناً لهما، وليس نظير الحسن والقبح، الذي يقتضي الوجدان والبرهان كون الاغراض فيهما عنواناً لموضوعهما، ورجوع الحيثية التعليلية فيهما إلى الحيثية التقييدية لموضوعهما .
ومنه ظهر أن ما يوهم الفرق بين الوجود والعدم، من كون الثاني على نحوين دون الأول، كما في كلام الشيخ الاعظم (قده) في الرسائل اليس في محله . فراجع .
(۱۰) قوله قدس سره: بنائهم على ذاك تعبداً ... الخ ..
ربما يتخيل أن بناء العقلاء إنما هو من جهة القوة العاقلة الموجودة فيهم، وحكم العقل من دون إدراك الشيء - ولوظنا - بالبقاء مما لا يعقل.
وهو توهم فاسد، إذ فيه أولاً : إن بناء العقلاء عملاً على الجري على طبق الحالة السابقة، لا دخل له بحكمهم بالبقاء بمعنى إذعانهم، فانه الذي لا يعقل إلا أن يكون قطعاً أوظناً، دون البناء العملي.
وثانياً : إن الباعث لهم على البناء العملي لا ينحصر في الظن بالبقاء، بل يمكن أن
(١) الرسائل: ۳۲۲ الأمر السادس في تقسيم الاستصحاب.
(۲) الكفاية ۲ : ۲۸۰