ثم إن المعقول من الاحتمالات ثلاثة، وهي ماعدا التوطئة، والتمهيد للجزاء، وهذه الاحتمالات كلها مشتركة في ارتباط الجملة الشرطية بالكلية التي بعدها. إما لكون عنوان اليقين بالوضوء - المقتضي لعدم وجوب الوضوء يندرج تحت العنوان الكلي، المحكوم بحرمة النقض أو وجوب الابقاء، وإما لكون الأمر - بالمضي على يقينه بالوضوء يندرج تحت الحكم الكلي بالمضي على اليقين ، وإما لكون اليقين بالوضوء صغرى لتلك الكلية ، التي هي بمنزلة الكبرى " ، وعليه فالكلية تابعة للجملة سعة وضيقاً .
فان قلنا : بخصوصية الوضوء المقوم لصفة اليقين، فلا محالة يكون العنوان المقتضي للحكم هو عنوان اليقين بالوضوء بالغاء الخصوصيات المفردة لافراد اليقين بالوضوء، لا لخصوصية نفس الوضوء .
وكذا إن قلنا بأنها مقومة للأمر بالمضي على اليقين بالوضوء ، فان الجامع لأفراد الأمر بالمضي على اليقين بالوضوء أيضاً يتقوم بخصوصية اليقين بالوضوء.
وكذا إن قلنا بأن الجملة جزاء بنفسها، فان حد الوسط هو اليقين بالوضوء بخصوصه ، فلابد من تكرره بالكبرى .
كما أنه لو قلنا بالغاء خصوصية الوضوء كانت العلة نفس عنوان اليقين، وكان موضوع الأمر بالمضي نفس اليقين، وكان حد الوسط نفس عنوان اليقين، فلا محالة يتسع عنوان العلة، وعنوان موضوع الأمر بالمضي ، وعنوان حد الوسط. وإذا لم يمكن إثبات الخصوصية، ولا إلغاءها، وتردد أمرها بين الموردية والمقومية، فان قلنا بأن القدر المتيقن - في مقام التخاطب - يمنع عن انعقاد الاطلاق ، فلا يمكن إثبات الاستغراق في الجنس، وان لم نقل بذلك ، فمع تمامية مقدمات الحكمة يمكن إثبات الاطلاق والاستغراق .
ومما ذكرنا تبين أن إثبات كون اللام للاشارة إلى الجنس لا معنى له مع استظهار الخصوصية - كما هو الأصل في ذكر القيد لما عرفت من تبعية الكلية للجملة الشرطية.
كما أن كون اللام للعهد لا يضر مع الغاء الخصوصية، فان المعهود ـ حينئذ نفس اليقين - بما هو يقين - لا بما هو يقين بالوضوء.
(١) بناء على كون الجملة علة المجزاء وهو الاحتمال الأول.
(۲) بناء على كون الجملة مأولة بالانشائية وهو الاحتمال الثاني.
(۳) بناء على كون الجملة جزاء بنفسها وهو الاحتمال الرابع.