الاستصحاب عندهم الممؤاخذة على مخالفة ما يكون الظاهر كاشفاً نوعياً عنه - يوصف بالحجية، فلابد هنا من فرض صحة مؤاخذتهم على ترك الجري على طبق الحالة السابقة :
إما لليقين السابق واقتضاء وثاقة اليقين لعدم رفع اليد عنه عندهم .
أو المظن بالبناء واقتضائه عندهم المجري على وفقه .
فالمصحح المؤاخذة ليس نفس إبقائهم عملاً ، أو إبقاء المكلف، بل أحد الأمرين المزبورين، أو غيرهما مما سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى " .
فعلم مما ذكرنا أن بناء هم عملاً، وإن كان ابقاء عملياً منهم، وهو المناسب للاستصحاب ومشتقاته المنسوبة إلى العامل، إلا أن الموصوف بالحجية غيره .
و معنى حجية بنا العقلاء - شرعاً - أن ما بنى العقلاء على المؤاخذة بسببه - على فعل أو ترك - يصح المؤاخذة به عند الشارع .
فلم يبق من الاستصحاب بالمباني الثلاثة، إلا الإذعان العملي الظني ببقاء الحكم، فانه صالح لأن يكون منجزاً للحكم، إلا أن الاستصحاب بهذا المعنى لا يناسب مشتقاته المنسوبة إلى المكلف .
ويمكن أن يراد من الحكم في قوله (قده) وفي كلام الشيخ الأعظم (قده) في الرسائل: ( إن الاستصحاب هو الحكم ببقاء الحكم الخ...) ما هو المرسوم في التعبيرات من الحكم بقيام زيد، وهو كونه الرابط، فيرجع إلى أن الاستصحاب كون الحكم باقياً في نظر الشارع أو عند العقلاء، أو في نظر العقل ظناً لظنه ببقائه وهو المستند للحكم بالابقاء من الشارع، وللابقاء العملي من العقلاء، فيندفع محذور الجامع ومحذور الدليلية .
ولا يأبى كلامه (قده) عن ذلك حيث قال : ( اما من جهة بناء العقلاء على ذلك ؟
أي على كونه ، لا على الالزام به .
وفيه: إن كونه باقياً في نظر الشارع ليس إلا منتزعاً من الالزام بابقائه، فهو باق بحسب حكمه، لا بلحاظ أمر آخر، كما أن كونه باقياً - في نظر العقلاء ليس إلا كونه
(١) يأتي في التعليقة : ٦ .
(۲) الكفاية ج ۲ : ۲۷۳
(۳) الرسائل : ۳۱۸ « في تعريف الاستصحاب» .
(١) أي عدم الجامعية للإستصحاب بحسب المباني الثلاثة.
(٥) أي عدم صحة التوصيف بالدليلية.
(٦) الكفاية ج ٢ : ٢٧٣ .