حول حقيقة النقض والإبرام
وأما في البسائط - كاليقين واليمين والعهد والعقد فلابد من تنزيلها منزلة المركب، ولا محالة يكون بلحاظ بعض لوازم المركب الموصوف بالابرام، فيدور الأمر بين أن يكون إبرام اليقين بلحاظ وثاقته واتقانه وإحكامه، وكل أمر مبرم محكم، أو بلحاظ ارتباط بعض اجزاء المبرم ببعض، ولليقين واليمين ارتباط بمتعلقهما، وكذا العهد والعقد.
فعلى الأول يكون نسبة النقض إلى الشك في قوله عليه السلام ( ولكن ينقض الشك باليقين لمجرد الجناس اللفظي " ، إذ لا وثاقة له حتى ينتقض .
وعلى الثاني يكون نسبة النقض إليه بالحقيقة، لارتباط الشك بالمشكوك على حد ارتباط اليقين بالمتيقن، ولعله بهذه العناية يضاف إلى العدم ويقال : إن الوجود ناقض العدم، وإن السلب والايجاب نقيضان، فكأن الماهية مربوطة ومقرونة بالعدم، والا فلا وثاقة للعدم .
لا يقال : اليقين والشك، والوجود والعدم، وإن كانا في حد ذاتها كذلك ، بمعنى أن الوثاقة مما يوصف بها اليقين، دون الشك، والوجود دون العدم، لكنه ربما يحتف بهما خصوصية، يوصف الشك بالاتقان، واليقين بعدمه أو يوصف العدم بالاحكام، والوجود بعدمه .
فاليقين - مثلا لضعف مقتضيه وزواله بأدنى شبهة - يوصف بعدم كونه وثيقاً، والشك لاستقراره بحيث لا يزول - بكونه محكماً مبرماً، وكذا الوجود - لضعفه يوصف بأنه كالعدم غير مبرم، والعدم لتوقف الامكان الاستعدادي فيه على معدات كثيرة تقرب المعدوم إلى الوجود - يوصف بأنه مبرم محكم .
لأنا نقول : على فرض تسليمه لا يجدي ؛ إذ الوجود - مطلقاً - ناقض العدم. والشك مطلقاً ينتقض باليقين، فيعلم منه : أن مصحح إسناد النقض إليهما ليس مالا ثبوت له إلا أحياناً .
ولا يخفى عليك أن اليقين - حيث أنه حالة جزمية وإن كان وثيقاً محكماً، والشك
(١) في الصحيحة الثالثة الزرارة الوسائل ١٠:٥ من ابواب الخلل : ص ۳۲۱ - ۱۳.
(۲) الجناس بين اللفظين - وهو تنا بهما في المفط دون المعنى - على قسمين : نام و راقص. والنام منه هو اب ينتنا في انواع الحروف و اعدادها وهيئتها وترتيبها . فان كانا من نوع واحد كفعلي مثلاً - يسمى ممارية .
و اما فيما نحن فيه والجناس يكون بين النقض المستند إلى اليقين والنقص المستند إلى الشك ، وهو من الجسم التام المماثل، حيث انهما متحدان اعطا و مفترقات معنى ، اذ الأول عض ما فيه الوزاقة، والثاني نقص مالا وثاقة فيه، فلا يكون نسبة النقص اليه حقيقة.