الاستصحاب
اما ثبوتاً : فبأن المراد من مقتضى البقاء كون الشيء من شأنه البقاء، لا أن هناك مقتضياً يترشح منه الشيء، ليكون ثبوته بالذات ثبوتاً له بالعرض حتى يكون اليقين به يقيناً بمقتضاه تقديراً وعرضاً
فان السواد مثلاً مما إذا وجد يبقى إلى أن يزيله مزيل ، لا أن هناك مقتضياً خارجياً يترشح منه السواد، ليجرى فيه التوهم المزبور، والمفروض أن ما من شأنه البقاء مشكوك الثبوت فعلاً فليس هناك ثابت بالذات كي يكون هناك ثابت بالعرض، بخلاف تقدير الثبوت واليقين في ظرف اليقين بالحدوث، فان الحادث في ظرف ثبوته كان من شأنه البقاء.
وأما إثباتاً : فان الظاهر من قوله عليه السلام ( ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين) هو اليقين المذكور بقوله عليه السلام ( وإلا فانه على يقين من وضوئه ) أو (لانك كنت على يقين من طهارتك ) ، لا اليقين المقدر، فيعلم منه أن النقض باعتبار اليقين المذكور لا اليقين المقدر.
ومن الواضح : إن اليقين المتعلق بالبقاء في ظرف تعلقه بالحدوث هو اليقين المذكور، لأنه مضاف إلى الحدوث - بالذات وإلى البقاء بالعرض.
فالتقريب الأول سالم عما يرد على التقريب الثاني إلا أنه يرد عليهما النقض في الاستصحاب غير اعتبار النقض في قاعدة اليقين بمعنى أن اللازم في الاستصحاب وحدة المتعلق من جميع الجهات الا من حيث الزمان - حدوثا وبقاء دون قاعدة اليقين فانه واحد حتى من هذه الجهة.
فاعتبار تعلق اليقين بالبقاء يوجب دخول النقض في النقض المعتبر في قاعدة اليقين دون الاستصحاب، فهو قول باعتباره قاعدة اليقين، غاية الأمر بنحو تعم اليقين بالحقيقة أو بالاعتبار.
وحيث عرفت أنه لا موجب لتنزيل الاخبار على ما ذكر، بل عدم صحة تنزيلها عليه ، فاعلم أن الاشكال في تنزيل الأخبار على الاستصحاب بقول مطلق من جهات:
إحداها : أن نقض اليقين عبارة عن نقض المتيقن ، وما لم يكن من شأنه البقاء لاحل له مجازاً، فلا يصدق النقض إلا في مورد الشك في الرافع.
(۱) الصحيحة الأولى «الوسائل، ج ۱، الباب ١ من ابواب نواقض الوضوء : ص ١٧٤ : الحديث ١.
(۲) الصحيحة الثانية الوسائل ج ٢ : الباب ٤١ من ابواب النجاسات : ص ١٠٦١ الحديث ١.