هذه السنة سافر إلى العراق والتقى بموفق الدين أبي علي الحسن بن محمد بن إسماعيل الإسكافي وزير بهاء الدولة الديلمي ونظم له ( يوسف وزليخا ) ثم عاد إلى خراسان واشتغل جديدا بنظمه وجعله باسم محمود الغزنوي ، وكان محبا للعلم والأدب وقد وعد الفردوسي بأن يكافئه بستين ألف دينار ، وكان الفردوسي يأمل أن يحظي بتلك الجائزة لتكون عونا له في شيخوخته ، ولما أتم الشاهنامه قصد السلطان محمود للحصول على الجائزة ، ولما ظهر للسلطان تشيعه لم يف له بوعده ثم أبدل الدنانير بالدراهم ، فغضب الفردوسي ولم يأخذها بل قسمها على حاملها وحمامي وبائع شراب ، وهجا السلطان هجاء مرا وهرب من غزنة إلى هراة فبقي فيها ستة أشهر مختفيا في دكان إسماعيل الوراق والد الأزرقي الشاعر ، ويقال إنه ذهب إلى طوس ووضع نسخه الشاهنامه عند إسپهبد طبرستان وأراد أن يجعلها باسمه ، وهجا محمودا بمائة بيت اشتراها منه إسپهبد بمائة ألف درهم ، وبقي مختفيا إلى أن توفي في سنة ٤١١ هـ.
ويقال إن السلطان محمود ندم بعد ذلك على خلفه للوعد على أثر رسالة كتبها له ( ناصر الملك ـ ظ ـ ) أحد حكام عصره ، وكان وعظه فيها ونصحه ، وذكره بفناء الدنيا بقاء الذكر الحسن ، وبتعب الفردوسي وما كان يؤمله منه. فأمر السلطان له بستين ألف دينار فحملت إليه ، ووصل الرسول إلى باب داره فرأى الناس يخرجون منها وهم يحملون جنازة الفردوسي رحمهالله.
توجد نسخ من الشاهنامه في مكتبات الآستانة كمكتبة حالت أفندي وغيرها كما في فهارسها ، وطبعت في بمبئي وغيرها ، وطبعت خلاصتها في سنة ١٣١٣ ش في المهرجان الألفي الذي أقيم للفردوسي ، والاختصار للميرزا محمد علي خان ابن الميرزا محمد حسين خان ذكاء الملك الفروغي ، وترجمها إلى العربية نثرا الأديب المصري عبد الوهاب عزام ، وطبعت الترجمة في مجلدين بمصر في سنة ١٣٥١ هـ. وترجمت إلى ( الإفرنجية ) سنة ١٩٠٣ م وطبعت الترجمة أيضا ، وكتب المستشرق الألماني ( وولف ) المولود عام ١٩٠٠ م ( كشف كلمات الشاهنامه ) في ألفي صفحة بقطع ( معجم المطبوعات ) وطبع ، وترجم مؤلفه