فقال له المسلمون : يا رسول الله ، إنّا رأيناك صنعت اليوم شيئاً لم تصنعه قبل اليوم ؟.
فقال : « اليوم فقدت برّ أبي طالب ، إنّها كانت يكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها. وإنّي ذكرت يوم القيامة يوماً وأنّ الناس يحشرون عراةً ، فقالت : واسوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسيةً. وذكرت ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك. فكفّنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك ، وانكببت عليها فلقّنتها ما تسأل عنه.
وإنّما سئلت عن ربّها فقالت الله ، وسئلت عن نبيّها فأجابت (١) ، وسئلت عن وليّها وإمامها فارتجّ عليها ، فقلت لها : ابنك ، ابنك. فقالت (٢) ولدي وليي وإمامي ، فانصرفا عنها وقالا : لا سبيل لنا عليك ، نامي كما تنام العروس في خدرها. ثم إنّها ماتت موتة ثانية.
وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى قوله : ( ربّنا أمتنّا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) (٣).
__________________
(١) العبارة في ر : فقالت : الله ربي ، وسئلت عن نبيها فقالت محمد نبيي.
(٢) من هنا إلى نهاية الباب ليست في ق ، س.
(٣) غافر ٤٠ : ١١.